ثم انه بهذا القيد- أعني ملك إلزام العقد- يحصل الفرق بين ملك الإزالة و جواز الرجوع الحاصل من جهة الخيار و بين ملك الإزالة و جواز الرجوع الحاصل في العقود الجائزة كالهبة و القرض و غيرهما كجواز الرجوع للزوج في العدة. ضرورة أن جواز الرجوع في العقود الجائزة من قبيل الحكم فلا يسقط بالإسقاط، بخلاف جواز الرجوع في الخيارات فيسقط بإمضاء العقد و إلزامه، فيصير من قبيل الحق.
ثم ان الفرق بين الحكم و الحق بأحد من أمور ثلاثة: أحدها- كل ما ينتقل الى المورث فهو حق و الا فحكم، و ثانيها- ما كان قابلًا للإسقاط و الإبراء فهو حق و الا فحكم، و ثالثها- ما كان قابلًا للمعاوضة و المصالحة- بأن ينتقل الى الغير بصلح و غيره- فهو حق و الا فحكم.
و لا شك ان هذه الوجوه ليست ما بها يمتاز الحق عن الحكم بحسب الذات بل انما هي آثار لها، فيشكل الفرق بحسب الذات. و عند الشك في ان الشيء الفلاني حق أو حكم- كما إذا شككنا في جواز الرجوع في عدة المرأة للزوج حق حتى يقبل الانتقال و الإسقاط أو حكم- يصعب الأمر، حيث لا أصل في البين، حيث لا طريق لتشخيصه الا التنصيص من الشارع، فإنهما متحدان صورة و مختلفان حقيقة، كفرض الصلاة و نفلها و فرض الصوم و نفله، حيث ان إتيان نفل الصوم لمن عليه صوم واجب ليس بجائز دون فرض الصلاة. فهذا يكشف عن اختلاف حقيقتهما.
فان قام الإجماع في مورد على آثار الحق و لوازمه من قبول الاسقاط و الانتقال فنحكم بالحق أو على عدمه فنحكم بأنه من قبيل الحكم، أو ورد النص على تعيين أحدهما فيؤخذ به و عند فقدانهما فهل الأصل يقتضي الحق أو يقتضي أنه من قبيل الحكم.