فيه: أن المزج موجب لتلف الملكية و الاختصاص قهرا و عليه مشى الحلي في جميع الفروع الخمسة، و الحاصل: أن العين مشتملة على جهات ثلاثة:
العينية، و المادة، و الملكية و المالية، فمنع كون المزج إتلافا حسن بالنسبة إلى الجهة الأول، بداهة أن جوهر العين و مادتها ليست قابلة للتلف، الا أنه بمجرده لا يجدي شيئا، لأن الغرامة و الضمان ليست دائرة مدار المادة، بل المناط فيه هو الملكية و المالية، و التلف يلاحظ فيها.
فحيث زعم الحلي تلازمهما و لم يلتفت الى التفكيك بين الملكية و المالية فبتلف الملكية تحصل الغرامة. و جوابه حينئذ: أن المالية باقية لا تالفة، فعلى المالية مدار الضمان لا على الملكية، فلا ضمان مع بقاء المالية، فتتعين الشركة في المالية.
و عن الثالث: بمنع بطلان التّالي، لجواز التزام كون الغاصب مالكا لها بعد فرض التلف و وجوب الغرامة، و الإيراد باستلزام كون الغصب مملكا، مدفوع بأن المملّك حينئذ هو الغرامة و دفع البدل لاستحالة الجمع بين العوض و المعوّض.
و النقض ببدل الحيلولة بالجمع بينه و بين المبدل في ملكه مدفوع: بأن البدل في الحيلولة بدل للسلطنة لا للعين فليس فيه جمعا بين العوض و المعوض.
و عن الرابع: بأنه ليس فيه متلف و لا غارم يملك المالين، فيبقى بينهما لأنه نماء مالهما، فبالمزج حصلت مالية جديدة من توابع المالين الأولين، فهو نماء لهما فيلتزم فيه بالشركة.
و من ذلك يظهر الحال في مزج الغاصب ماله بمال المغصوب و مزجه المالين المغصوبين و مزج المالكين ماليهما اختيارا و مزج كل منهما مال الأخر و مزج المالين قهرا.
و الحكم في كل ذلك عند الحلي هو الشركة على ما هو مقتضى قاعدة التلف و الإتلاف في بعضها، فلا يلزم كون الغصب مملكا- كما قال أبو حنيفة- بل سبب