ثم ان المحكي من الشيخ الأورع الشيخ علي ابن صاحب «كشف الغطاء» وجهه آخر في مدرك الرجحان، و هو: ان المتبادر من عقد البيع و صيغته هو الدوام، بمعنى أن الظاهر و المتبادر من قولك «بعتك» إدخال المبيع في ملكك على الدوام، بأن يكون المبيع ملك المشتري دائما و لو أراد إرجاعه فلا يرجع بمقتضى العقد، فيصير حينئذ مقتضى العقد بحكم الظهور و التبادر إنشاء الملكية الدائمة للمشتري. و معلوم أن دوام الملكية للمشتري لا يمكن للبائع إبطاله و إرجاعه إلى ملكه، لمنافاته لما هو المتبادر من مقتضى العقد. ثم قال (قده)- على ما حكي عنه-: و فيه تأمل.
أقول: يمكن المناقشة فيه:
أولا- بمنع الصغرى، أي التبادر و الظهور، فان الظاهر من العقد إنشاء التمليك من غير أن يكون مقيدا بالدوام، بل انما هو مطلق و مهمل من هذه الجهة.
فيكون التأمل حينئذ إشارة إلى التأمل في أخذ الدوام في صيغة البيع و عدم الجزم في دعواه.
و ثانيا- سلمنا ظهور الصيغة و تبادرها في الدوام الا أنه لا ينفع في نفي الخيار، لعدم المنافاة في كون الملك دائما للمشتري مع كونه قابلًا للفسخ و الإزالة.
ألا ترى في العقود الجائزة أنه تدل صيغة «وهبت» مثلا بأن الموهوب ملك للمتهب على الدوام غير مغيا بشيء الا أنه مع ذلك يقبل للفسخ.
و بعبارة أخرى: ان الملكية الدائمة على قسمين: قسم تنجزي غير قابل للفسخ و قسم تزلزلي للفسخ. فغاية الأمر بعد التسليم بالتبادر المذكور تكون الملكية دائمية، و هذا يجتمع مع التزلزل، لأن الملكية التزلزلية أيضا دائمية غير مغياة بغاية، غاية الأمر أن دوامها على سبيل التزلزل قابلة لسلطنة الفسخ كما هو المدعى في البيع الخياري.