نام کتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام نویسنده : النراقي، المولى احمد جلد : 1 صفحه : 188
المتأخرين، فإنه قد يوجد في كلماتهم تعرض ما لهذا المضمار.
فمنها: ما ذكره شيخنا الحر في كتابه المسمّى بالفصول المهمة، قال بعد نقل طائفة من الأخبار النافية للحرج: أقول: نفي الحرج مجمل لا يمكن الجزم به فيما عدا التكليف بما لا يطاق، و إلّا لزم رفع جميع التكاليف [1]. انتهى.
و ذلك مبني على تحقق العسر و الحرج في جميع التكاليف، و قد عرفت فساده. و إجمال نفي الحرج يقتضي رفع اليد عنه في أبواب الفقه، و هو خلاف سيرة الفقهاء و طريقتهم، بل الكل يتمسكون به في موارد كثيرة، كما لا يخفى على المتتبع.
و منها: ما ذكره بعض سادة مشايخنا- طاب ثراه- في فوائده، قال- (قدس سره)- بعد بيان نفي الحرج: و أما ما ورد في هذه الشريعة من التكاليف الشديدة- كالحج، و الجهاد، و الزكاة بالنسبة إلى بعض الناس، و الدية على العاقلة، و نحوها، فليس شيء منها من الحرج، فإنّ العادة قاضية بوقوع مثلها، و الناس يرتكبون مثل ذلك من دون تكليف و من دون عوض، كالمحارب للحميّة، أو بعوض يسير، كما إذا اعطي على ذلك أجرة، فإنا نرى أن كثيرا يفعلون ذلك بشيء يسير.
و بالجملة: فما جرت العادة بالإتيان بمثله و المسامحة و إن كان عظيما في نفسه، كبذل النفس و المال، فليس ذلك من الحرج في شيء.
نعم تهذيب [2] النفس، و تحريم المباحات، و المنع عن جميع المشتبهات، أو نوع منها على الدوام حرج و ضيق، و مثله منتف في الشرع [3]. انتهى.
أقول: هذا في طرف النقيض من الأول، و كما كان الأول إفراطا، فهذا تفريط، فإنه لو سلّم انتفاء الحرج عن بعض التكاليف، حيث إنه يعتبر فيه عسر و