أ رأيت من دخل في الاسلام أ ليس هو داخلا في الايمان؟ فقال: لا و لكنّه قد اضيف إلى الايمان و خرج من الكفر و سأضرب لك مثلا تعقل به فضل الايمان على الاسلام، أ رأيت لو بصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد أنّك رأيته الكعبة؟ قلت: لا يجوز لي ذلك، قال: فلو بصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا أنّه قد دخل المسجد الحرام؟
قلت: نعم، قال: و كيف ذلك؟ قلت: إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد، فقال: قد أصبت و أحسنت، ثمّ قال: كذلك الايمان و الاسلام.
قوله: (قلت أ رأيت من دخل في الاسلام أ ليس هو داخلا في الايمان)
(1) الاسلام عبارة عن التصديق بالتوحيد و الرسالة أو عن الاقرار بالشهادتين أو عن الاتيان بالاعمال الظاهرة أو عن المجموع أو عن الاثنين منها، و جوز السائل أن يكون ذلك نفس الايمان أو ظن ذلك و لذلك قال على سبيل الاستفهام أو التقرير أ ليس هو أى الداخل في الاسلام داخلا في الايمان بأن يكون الاسلام عين الايمان؟ فقال (ع) لا لان الايمان اما التصديق المذكور مع التصديق بالولاية أو هذا مع الاقرار و العمل فالاسلام اما جزء الايمان أو حد من حدوده، و من البين أن جزء الشيء أو حده غير ذلك الشيء فالداخل في الاسلام غير داخل في الايمان و ليس بمؤمن و لكنه اضيف الى الايمان بالدخول في جزئه أو في حد من حدوده و خرج بذلك من منزل الكفر، و بالجملة للناس ثلاثة منازل الاول الكفر، و الثانى الاسلام، و الثالث الايمان و هذا قد خرج من منزل الكفر و دخل في منزل الاسلام و لم يدخل في منزل الايمان بعد، و أنت خبير بأن هذا السؤال لا يتوجه بعد العلم بما سبق اللهم الا أن يقال ان السائل لم يعلمه كما هو حقه لكونه أمرا معقولا دقيقا و المعانى الدقيقة قد لا يعرفها المخاطب حق المعرفة الا بالتكرار و التنبيه بمثال محسوس فلذلك أورد (ع) في الجواب مثالا محسوسا لقصد التفهيم و الايضاح فليتأمل.
قوله: (قلت لا يجوز لى ذلك)
(2) لان المسجد ليس بكعبة لا يقال هذا لا يماثل ما نحن فيه لان المسجد ليس كعبة و لا جزءا منها فلا يكون الداخل فيه داخلا فيها بخلاف ما نحن فيه فان الاسلام جزء من الايمان و الداخل في الجزء داخل في الكل لانا نقول قصد السائل ان الداخل في الاسلام هل هو مؤمن أم لا كما أشرنا إليه فليتأمل.
قوله: (فلو بصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد الحرام قلت نعم)
(3) هذا لا يدل على أن الكعبة جزء المسجد بل يشعر بخلافه حيث قال: أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد و لم يقل أكنت شاهدا أنه في المسجد.