و صدّقه العمل بالطاعة للّه و التسليم لأمره. و الاسلام ما ظهر من قول أو فعل و هو الّذي عليه جماعة النّاس من الفرق كلّها و به حقنت الدّماء و عليه جرت المواريث و جاز النكاح و اجتمعوا على الصّلاة و الزّكاة و الصّوم و الحجّ، فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا إلى الايمان، و الاسلام لا يشرك الايمان و الايمان يشرك الاسلام و هما في القول و الفعل يجتمعان، كما صارت الكعبة في المسجد و المسجد ليس في الكعبة و كذلك الايمان يشرك الاسلام و الاسلام لا يشرك الايمان و قد قال اللّه عزّ و جلّ:

قٰالَتِ الْأَعْرٰابُ آمَنّٰا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنٰا وَ لَمّٰا يَدْخُلِ الْإِيمٰانُ فِي قُلُوبِكُمْ فقول اللّه عزّ و جلّ أصدق القول، قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل و الأحكام و الحدود و غير ذلك؟ فقال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحد

و دليل عليه لان الايمان و هو التصديق أمر قلبى يعلم بدليل خارجى مع ما فيه من الايماء الى أن الايمان بلا عمل ليس بالايمان.

قوله: (و الاسلام ما ظهر من قول أو فعل)

(1) أى قول بالشهادتين أو فعل بالطاعات مثل الصلاة و الصوم و الحج و غيرها فيدل على أن الاسلام يطلق على مجرد الطاعات من الاقرار بالشهادتين و التصديق بهما.

قوله: (فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا الى الايمان)

(2) و لم يكونوا من أهل الايمان فما هم من هؤلاء و لا من هؤلاء و لا يجرى عليهم شيء من أحكامهما و ان كان يجرى أحكامهم على أهل الايمان.

قوله: (و هما في القول و الفعل يجتمعان)

(3) أى الاسلام و الايمان يجتمعان في القول بالشهادتين و الفعل بالطاعات الا أنهما داخلان في حقيقة الاسلام خارجان عن حقيقة الايمان على ما هو الحق عند جماعة من المتكلمين و لعل المقصود التنبيه على تساويهما في طلب الفضائل و الاحكام و الحدود كما سيصرح به.

قوله: (فقول اللّه عز و جل أصدق القول)

(4) فهو يبطل قول كل من قال بان الاسلام يرادف الايمان، و من زعم أن الاعراب لم يسلموا و من زعم أنهم آمنوا.

قوله: (قلت فهل للمؤمن فضل على المسلم)

(5) كان قصده هل للمؤمن اختصاص بشيء من الفضائل النفسية و الاحكام الشرعية و حدودها لا يكون المسلم مكلفا به فأجاب (ع) بأنهما متساويان في ذلك و لا يكون للمؤمن على المسلم فضل في شيء منه و انما الفضل للمؤمن في العمل و الثواب و ما يتقرب به الى اللّه تعالى من الطاعة و الانقياد لان الفضل