العلوّ و الثروة، فصرن سبع خصال، فاجتمعن كلّهنّ في حبّ الدّنيا، فقال الأنبياء و العلماء بعد معرفة ذلك: حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة، و الدّنيا دنياءان دنيا بلاغ و دنيا ملعونة.
[الحديث الثاني عشر]
12- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): إنّ في طلب الدّنيا إضرارا بالاخرة و في طلب الآخرة إضرارا بالدّنيا، فأضرّوا بالدّنيا فإنّها أولى بالإضرار.
الاشارة بالحسد بعيد بحسب المعنى و ان كان قريبا بحسب اللفظ
(فصرن سبع خصال)
(1) أى فصارت شعب المعاصى المذكورة سبع خصال و هى حب النساء الى آخره
(فاجتمعن)
(2) أى سبع خصال، أو هى مع المعاصى المذكورة و هى الكبر و الحرص و الحسد
(كلهن فى حب الدنيا)
(3) و الظرفية باعتبار الاكثر و الا فحب الدنيا ليس فى حب الدنيا
(فقال الأنبياء و العلماء)
(4) المراد بهم الأوصياء أو الاعم
(بعد معرفة ذلك)
(5) و هو أن المعاصى و الخصال الذميمة كلها فى حب الدنيا و
(حب الدنيا رأس كل خطيئة)
(6) هذا الكلام على سبيل الحقيقة دون المجاز و المبالغة لان كل خطيئة تابعة لحب الدنيا منبعثة منها لان الدنيا طريق الهوى و سبيل المنى الى الشهوات الحاضرة الخيالية و اللذات العاجلة الاعتبارية التى منها الكبر و الحرص و الحسد و حب النساء و غيرها من الخصال المذكورة و غير المذكورة من متعلقات الهوى و المنى رسما و عادة، و هذه الامور لا تتحصل الا باستعمال القوة الشهوية الجالبة و القوة الغضبية الدافعة للموانع منها و يتولد منهما مفاسد كثيرة غير محصورة و من هاهنا علم ان كل خطيئة تنبعث من حب الدنيا و تتفاوت باعتبار التفاوت فى حبها فمن ترك حبها صار خالصا لمولاه و من احبها صار عبدا لدنياه ثم أشار الى أن الدنيا مطلقا ليست بمذمومة
بقوله: (و الدنيا دنياءان دنيا بلاغ)
(7) و هو قدر الكفاف من طريق الحلال و هذا القدر لا بد لكل احد حتى الأنبياء و الأوصياء الذين غاية هممهم ترك الدنيا و التوجه الى المولى و هو المعين للبقاء و العبادة
(و دنيا ملعونة)
(8) و هى الزائدة عن قدر الحاجة أو الحاصلة من طريق الحرام أو الداعية للنفس الى الطغيان و القلب الى العصيان و أهلها الى الخذلان و تعلق اللعن بها باعتبار تعلقه بأهلها او باعتبار انها بعيدة عن الخير.
قوله: (ان فى طلب الدنيا اضرارا بالاخرة)
(9) لان توجه الظاهر و الباطن إليها و صرف الفكر فيها و فى كيفية تحصيلها و حفظها و ارسال القوة الشهوية و الغضبية الى الجلب و الدفع ينافى طلب الآخرة و التوجه إليها و يفهم منه أن المذموم من الدنيا ما يضر بأمر الآخرة، و أما ما لا يضر به كقدر الحاجة فى البقاء و التعيش فليس بمذموم بل ممدوح.