الثواب و وكوله إلى نفسه المشتاقة للاقتحام في مسالك العصيان و الاتّصاف بصفة العدوان و الطغيان حتّى تؤدّيه إلى أبعد الابعاد عن رحمة رب العالمين و تقوده إلى أقبح المنازل في أسفل السافلين
(المستخفّ بحقّ أهل العلم التارك للاقتداء بهم)
(1) الظاهر أنّ كلّا من المستخفّ و التارك وصف للجاهل و علّة مستقلّة لتعلّق المقت به، و يحتمل أن يكون التارك وصفا للمستخفّ و بيانا له و يؤيّده إدراج لفظ الحقّ لأنّ من حقوق أهل العلم على الجاهل اقتداؤه بهم فإذا ترك الاقتداء فقد استخفّ بحقّهم و إنّما وصف الجاهل بما ذكر لأنّ الجاهل المعظّم لاهل العلم المقتدي بهم محبّ لهم و متعلّم منهم و هما من أهل المحبّة دون المقت
(و أنّ أحبّ عبيدي إليّ)
(2) المحبّة ضدّ المقت و هي إحسانه تعالى للعبد بكشف الحجاب و توفيقه في تحصيل الثواب و حفظه عن مقام الزلّة و إيقاظه عن نوم الغفلة و تأديبه بأدنى المخالفة، ليجذبه بعنايته الأزليّة إلى السعادة الأبديّة حتّى يطأ بقدم الاخلاص على بساط الاختصاص، و يمشي في منازل القرب مع خاصّ الخاصّ
(التقيّ)
(3) أي الخائف من اللّه تعالى، للتقوى مراتب أوّلها التحرّز من الشرك و هو يحصل بكلمة التوحيد، و ثانيها التجنّب عن المعاصى و هو يحصل بالتزام الأوامر و اجتناب المناهى، و ثالثها التنزّه عمّا يشغل القلب عن الحقّ
(الطالب للثواب الجزيل)
(4) أي العامل بما يوجبه سواء قصد حصوله أولا، و هذا الكلام وصف للتقي و توضيح له يعنى أنّ التقيّ هو الّذي يطلب الثواب الجزيل بالتزام التوحيد و الأوامر و اجتناب الشرك و المناهي و تحلية الظاهر بالافعال الجميلة و تخلية الباطن عن الاخلاق الرذيلة و التقوى بالمعنى المذكور من خواصّ العاقل و آثاره و لاجل ذلك وقع مقابلا للجاهل مع القصد إلى ذكر ما هو المقصود من العاقل صريحا