(عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ رفعه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: روّحوا أنفسكم)
(1) الترويح راحت دادن و خوشبو كردن
(ببديع الحكمة)
(2) أي بالحكمة البديعة المحدثة يعني يعلم تارة و الحكمة في ألسنة الشرع العلم النافع في الآخرة، و قد تطلق على ما هو أعمّ من ذلك
(فانّها تكلّ)
(3) بمزاولتها بعض العلوم و عكوفها عليه و الكلال الضعف و الأعياء
(كما تكلّ الأبدان)
(4) من الحركات المتعاقبة من باب واحد، و فيه أمر بالمراوحة بين أنواع الحكمة و العلوم بأن يطلب هذا تارة و ذلك اخرى لارتياح النفس و نشاطها لأنّ لكلّ جديد لذّة، و هذا من جملة آداب التعلّم كما أشار إليه بعض الأفاضل في آداب المتعلّمين و لهذا الحديث و أمثاله مثل قوله (عليه السلام):
«إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم [1]» و قوله (عليه السلام): «روّحوا القلوب و ابتغوا لها طرف الحكمة فانّها تملّ كما تملّ الأبدان» محمل آخر أوجه و أحسن ممّا ذكرناه و لا بدّ لبيانه من تقديم مقدّمة و هى أنّه لما كانت الغاية من وجود الخلق هي العبادة له تعالى كما قال عزّ سلطانه «وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلّٰا لِيَعْبُدُونِ» و كانت العبادة لا تتحصّل إلّا بالعلم و كان المقصود منهما هو الوصول إلى جناب عزّته في حظاير قدسه بأجنحة الكمال كان ذلك هو الغاية لخلق الانسان المطلوب منه و المأمور بالتوجّه و السير إليها بوجهه الحقيقى فإن سعى لها سعيها و لم يحصل له فتور و كلال أدركها و فاز بحلول جنّات النعيم و إن قصر في طلبها و انحرف عن الصراط المستقيم كان من الهالكين و كانت غايته النار فدخلها مع الدّاخلين فقد ظهر أنّ غاية كلّ إنسان أمامه و هم يسيرون إليها و واجدون لها إذا عرفت هذا فنقول: كما أنّ الأبدان في هذا العالم المحسوس يطرأ عليه الضعف و الكلال بتوارد الأمراض البدنيّة و الأسقام الحسيّة فيمنعها عن