أخذها بطريق التقليد و يؤدّيها إلى غيره في المحاورات و المناظرات على وجه يتعجّب منه المستمعون و يحملون ذلك على وفور علمه و كمال فضله و هو فاقد في نفس الأمر لثمرة العلم و فائدة الحكمة أعنى وثوق النفس و برد اليقين و ليس حاصل فوائده و خلاصة عقائده إلّا التشكّك و الحيرة و مثله في تقرير العلوم مثل بعض الحيوانات في حكاية أفعال الانسان و مثل الأطفال في التشبّه بأفعال البلغاء فأفعاله و آثاره شبيهة بأفعال العلماء و آثارهم و قلبه مباين لقلوبهم ثمّ لكون مصدر العلم و الحكمة هو النفس دون الظواهر يقع الاشتباه بينهم و بين العالم الرّبّاني و هو الحكيم العادل الّذي أشرقت نفسه باشراقات الحكمة الالهيّة و تنوّر قلبه بأنوار العلوم الرّبّانيّة و وقع التعديل في قواه الظاهريّة و الباطنيّة و التقويم في أفعاله و أحواله و أقواله الصادرة منه بحيث لا يخالف بعضها بعضا و يطابق ظاهره باطنه و هو الّذي ينطق بالحقّ و يعمل به و يدعو إليه، و أمّا المتشبّه به فلعدم تأثّر ذهنه بالحكمة و عدم انقياد قلبه للعلم صار عقله مغلوبا في الشهوات، خادما للنفس الدّاعية إلى اللّذات فغاية همّه الدّنيا و ما فيها و نهاية جهده طلب زخارفها الفانية بما يظهر منه الكمال و غيره و هكذا حاله إلى أن يموت فيغرق في سوء أعماله و قبح آثاره. و ما نقلناه منه (رحمه اللّه) أخذناه في مواضع من كلامه، و اللّه ولي التوفيق و إليه هداية الطريق.
(باب النوادر)
[الحديث الأول]
«الاصل»
1- «عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البخترى» «رفعه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: روّحوا أنفسكم ببديع الحكمة فانّها» «تكلّ كما تكلّ الأبدان».