[خلق الأرض و إرسال الماء المالح إليها و أصل الخلق.]
56- عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق الارض ثمّ أرسل عليها الماء المالح أربعين صباحا و الماء العذب أربعين صباحا حتّى إذا التقت و اختلطت أخذ بيده قبضة فعركها عركا شديدا جميعا ثمّ فرّقها فرقتين، فخرج من كلّ واحدة منهما عنق مثل عنق الذّر فأخذ عنق إلى الجنّة و عنق إلى النّار.
و الحوت على البحر و البحر على الهواء و الهواء على الثرى و الثرى عند السماء الاولى» و لعل المراد به كرة الاثير بقرينة كونه فوق الهواء و تحت السماء و بينهما منافاة بحذف الوسائط بين الارض و الحوت فى هذا الحديث، و يمكن دفعها بالعناية، و بكون الصخرة على قرن ثور فيه و على الحوت فى حديث زينب و بكون الثور على الثرى فيه و كون الهواء على الثرى فى حديثها و يمكن أن يكون بين البحر و الهواء واسطتان محذوفتان أى البحر على الصخرة و يراد بها غير المذكورة أولا و الصخرة على الثور و أن يكون بين الثور و الثرى فى الاول واسطة محذوفة و هى الهواء و اللّه يعلم حقايق تلك الاشياء و كيفية ترتيبها، ثم ان هذا الترتيب أمر ممكن عقلا و اللّه سبحانه قادر على جميع الممكنات و قد أخبر به المخبر الصادق فوجب الاذعان به.
قوله: (ان اللّه عز و جل خلق الارض)
(1) لما دلت الروايات المذكورة فى اوّل كتاب الكفر و الايمان على انه تعالى خلق الانسان من طينتين طينة الجنة و طينة سجين لم يبعد أن يراد بالارض هنا قطعة مختلطة من هاتين الطينتين
(ثم أرسل عليها الماء المالح اربعين صباحا و الماء العذب اربعين صباحا)
(2) للخلط بين الطينتين و تخميرهما بالماءين فوائد كثيرة أشرنا إليها فى شرح الكتاب المذكور منها حصول القدرة على الضدين و منها حصول الارتباط بين- المؤمن و الكافر و الصالح و الفاجر و لو لا ذلك لما أمكن تعيش المؤمنين و الصالحين بين الكافرين و الفاسقين و منها كون المؤمن دائما بين الخوف و الرجاء حيث لا يعلم أن الغالب فيه الخير أو الشر و منها رفع العجب عنه بفعل المعصية و لو لا ذلك لما صدرت عنه المعصية فربما يدخله العجب، و منها الرجوع إليه تعالى و طلب حفظه عنها و منها تولد المؤمن من الكافر و بالعكس و هو دليل على كمال قدرته تعالى كما قال «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ»*
(حتى اذا التقت و اختلطت)
(3) المراد به التقاء اجزاء الارض و اختلاطها بتخمير الماءين
(أخذ بيده)
(4) أى بقدرته أو هو تمثيل
(فعركها عركا شديدا جميعا)
(5) ليستكمل التيامها و يشتد ارتباط بعضها ببعض
(تم فرقها فرقتين)
(6) فرقة لابدان المؤمن و هى طينة الجنة و تتعلق بتلك الابدان الارواح المطيعة فى العهد الاول و فرقة لابدان الكافر و هى طينة السجين و تتعلق بتلك الابدان الارواح العاصية فيه