آت قريب، ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن، فتعاونوا على البرّ و التقوى و لا تعاونوا على الاثم و العدوان و اتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب.
40- و بهذا الاسناد، عن أبان، عن يعقوب بن شعيب أنّه سأل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزّ و جلّ كٰانَ النّٰاسُ أُمَّةً وٰاحِدَةًفقال: كان النّاس قبل نوح أمّة
على سبيل التأكيد الى أن الخلق مسخر لامره تعالى
بقوله: (و ان أمر اللّه نازل و لو كره الخلائق)
(1) و ليس لهم الاباء عن نزوله و ان لم يوافق طباعهم و اذا كان كذلك وجب عليهم الاتيان بما فيه رضاه و الاجتناب عما فيه سخطه و لعل المراد بامر اللّه الموت كما قيل فى تفسير «و اذا جاء أمر اللّه لا مرد له» و يحتمل الاعم منه ثم رغب فى الطاعة و زجر عن المعصية بانقطاع زمانهما سريعا و ترتب ما لكل منهما عليه عن قريب فى
قوله: (و كل ما هو آت قريب)
(2) اراد به الموت و ما بعده أو الاعم
(ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن)
(3) دل على أنه يشاء كل ما يكون و هذا فى فعله تعالى ظاهر و أما فى فعل العباد فباعتبار أنه لما أعطاهم القوة على الطاعة و المعصية و لم يجبرهم على شيء منهما تحقيقا لمعنى الاختيار و التكليف فقد شاء صدورهما منهم اذ لو لم يشأ لما أعطاهم القوة و لجبرهم على الطاعة أو باعتبار أنه لما شاء مشيئتهم فقد شاء أفعالهم و بهذا فسر بعض المفسرين قوله تعالى وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلّٰا أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ* و هذا قريب من الاول و قيل المراد بالمشيئة العلم و هذا التوجيه و ان كان بعيدا لغة و عرفا لكنه أنسب معنى اذ لا يحتاج الى التوجيه أصلا و على التقادير يظهر سرما روى من أنه شاء و لم يرض و قد ذكرنا فى شرح التوحيد فى باب المشيئة و غيره ما ينكشف به الغطاء.
(ف تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوىٰ)
(4) الظاهر أن الفاء فصيحة أى اذا عرفتم ما ذكره من المواعظ و النصائح و لزوم الطاعة و التحرز عن المعصية «ف تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوىٰ» و انما أمر بالتعاون فان نظام الدين و قوامه لا يحصل الا به كما ستعرفه فى خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) و لعل المراد بالبر الاحسان الى الخلق مثل العفو و الاغضاء و غيرهما و الاتيان بالمأمور به و بالتقوى الاجتناب عن المنهى عنه، و يمكن تخصيص البر بالاحسان و تعميم التقوى و شمولها للامتثال و الاجتناب
، قال القاضى اريد به الجنس و لا يريد أنه أنزل مع كل واحد كتابا يخصه فان أكثرهم لم يكن له كتاب يخصهم و انما كانوا يأخذون بكتب من قبلهم و عن كعب: الّذي علمته من عدد الأنبياء مائة