نظره ينج من عطب و يتخلّص من نشب فإنّ التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنّور، فعليكم بحسن التخلّص و قلّة التربّص.
[الحديث الثالث]
3- عليّ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إنّ العزيز الجبّار أنزل عليكم كتابه و هو الصّادق البارّ، فيه
و أسراره و قوله «فليجل» اما من الجلاء يقال جلا السيف و المرآة أصقلهما او من الاجالة و هى الإرادة يقال أجاله و به أداره و جال اذا دار، و فى جال قلب أصله جائل كما فى شاكى السلاح.
(و ليبلغ الصفة نظره)
(1) اما من البلوغ و هو الوصول أو من الابلاغ و هى الايصال فان فعل ذلك
(ينج من عطب)
(2) أى من هلاك لتميزه بين الحق و الباطل و الضلالة و الهداية و ثباته فى سبيل الرشاد بمتابعة أهل العصمة و الولاية.
(و يتخلص من نشب)
(3) النشب بالتحريك علوق العظم و نحوه فى الحلق و عدم نفوذه فيه و هو مهلك غالبا لسد مجرى النفس فهو كناية عن الهلاك و يمكن أن يراد به نشب الضلالة و الجهالة و الغواية على تشبيهها بطعام ذا غصة فى الاضرار و الاهلاك ثم علل ذلك
بقوله: (فان التفكر)
(4) فى الاسرار الالهية و اللطائف القرآنية.
(حياة قلب البصير)
(5) أى سبب لحياته فالحمل للمبالغة و ذلك لان التفكر سبب للعلم و العلم سبب للحياة كما أن الجهل سبب للموت و إليهما يرشد قوله تعالى أَ وَ مَنْ كٰانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنٰاهُ و البصر محركة من العين حسها و من القلب نظره و خاطره و ادراكه بصر به كفرح و كرم صار بصيرا اى مبصرا و المراد به هنا العالم أو الفطن الذكى، و اضافة القلب إليه اما لامية أو بيانية و فى الجمع بينهما فائدة و هى أنه لو لم يذكر القلب لتوهم أن المراد بالبصير البصير بالعين و لو لم يذكر البصير لتوهم أن التفكر سبب لحياة قلب الجاهل و الغبى أيضا و ليس كذلك.
(كما يمشى المستنير فى الظلمات بالنور)
(6) أى بنور المصباح و المشعل و الظرفان يتعلقان بيمشى أو بالمستنير أو بهما على سبيل التنازع أو الاول بالاول و الثانى بالثانى أو بالعكس و فيه تشبيه معقول بمحسوس على سبيل التمثيل لقصد الايضاح.
(فعليكم بحسن التخلص)
(7) أى بحسن النجاة من الباطل
(و قلة التربص)
(8) أى قلة الانتظار و المكث عند الشبهات لان الشبهة مرض مهلك و الفرار من المهلكات واجب و انما التربص الضرورى هو قدر أن يحصل العلم بالحق و يكفى فيه أدنى تفكر و قد مر شرحه فى آخر كتاب العقل.
قوله: (ان اللّه العزيز الجبار)
(9) أى الّذي غلب على جميع الخلائق بالايجاد و الافناء