الحاصلة فيه فلأنّ عناصره باستمداد من الرّوح الّذي يجيء إليها من القلب «و من خشن عنصره غلظ كبده» أي و من لم يكن كريم الاصل و هو من خشن عنصره و خبث طينته غلظ منه ما هو المناط في قوام البدن و قوّته و هو الكبد فيستولى القوى البدنيّة فيه على القوى العقلانية
(و من فرط تورّط)
(1) يقال: فرط في الأمر فرطا أي قصر فيه و ضيّعه حتّى فات و كذلك التفريط و فرط أيضا فهو فارط إذا سبق و تقدّم و جاوز الحدّ، و تورّط في الورطة أي وقع في الهلكة، و لعلّ المراد من فرط في الحقّ و قصّر فيه وقع في الهلكة لأنّ أصل التقصير في الحقّ ورطة و هلكة أو لانّه مستلزم لوقوعه في ضدّ الحقّ أعني الباطل أو المراد من سبق إلى دواعي النفوس و جاوز الحدّ في متابعة القوى النفسانية فقد وقع في الهلكة.
(و من خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم)
(2) تثبّت ماض من التثبت أو مضارع من الثبات، و الوغول الدّخول و أوغل في السير و توغّل إذا أسرع فيه و أمعن، يعني من خاف سوء العاقبة و لومها تثبّت عن الدّخول فيما لا يعلمه و عن الإسراع في التكلّم فيه و الاعتقاد به، و من علامة العاقل السكوت في الشبهات فإنّ مفاسد النطق بها كثيرة جدّا و في الحديث «من تورّط في الامور غير ناظر للعواقب فقد تعرّض لمفضحات النوائب»
(و من هجم على أمر بغير علم فقد جدع أنف نفسه)
(3) الجدع بالجيم و الدّال المهملة قطع الأنف و قطع اليد و قطع الشفه تقول منه جدعته فهو أجدع، و جدع أنف النفس المجرّدة إمّا كناية عن إزالة سعاداتها الأبديّة بالجهل أو كناية عن تحقيرها و إذلالها يعني من دخل في أمر بغير علم بذلك فقد استحقر نفسه و استصغرها و وسمها بسمة الحقارة و الرّذالة و الهلاك عند الخالق و الخلق جميعا، و مثله مثل الفراش تتساقط من جهلها في نار المصباح يتوهّم أنّها كوّة يستضيء منها النور فيقصدن الخروج منها فيحترقن، ثمّ بيّن (عليه السلام) فضل العلم و شرفه بقياس مفصول النتائج بقوله
(و من لم يعلم لم يفهم، و من لم يفهم لم يسلم)
(4) أي من لم يعلم الحسن و القبيح لم يفهمهما و لم يميّز بينهما و من لم يميّز بينهما لم يسلم من ارتكاب القبيح و التعرّض له