نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 57
لَكَاذِبُونَ)[1] ؛ حيثُ شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنَّهم كاذبون في قولهم: (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ )[2] ، مع أنَّه مطابق للواقع ، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك[3] . فلو كانَ الصِّدقُ عبارةً عن مُطابقةِ الواقع مُطلقاً ، لَمَا صحَّ ذلك.
وأُجيب: بأنَّ المعنى: لكاذبون في الشَّهادة وادِّعائهم فيها مواطاةَ قلوبهم لألسنتهم . فالتكذيبُ راجعٌ إلى قولهم: نشهدُ ؛ باعتبار تضمُّنه خبراً كاذباً ؛ وهو أنَّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلبِ وخلوصٍ الاعتقاد ؛ بشاهدٍ تأكيدهم الجملةَ بـ: إنَّ ، و(اللاّم) ، والجملة الاسميَّة[4] . أوْ أنَّ المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الإخبار: شهادةً ، أو في المشهود به ؛ أعني قولهم: إنَّك لرسول الله ـ في زعمهم ـ ؛ لأنَِهم يعتقدون أنَّه غيرُ مطابق للواقع ، فيكون كذباً عندهم ، وإنْ كانَ صِدقاً في نفس الأمر ؛ لوجود مطابقته فيه[5] . أو في حَلْفِهم: أنَّهم لم يقولوا: (... لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا...)[6] إلخ ؛ لِمَا رُويَ عن زيد بن أرقم[7] أنَّه سمع عبدَ الله بن أُبي[8] يقول ذلك ، فأخبر النبي(صلَّى الله
[7] زيدُ بنُ أرقم الخزرجيِّ الأنصاري ، صحابي ، غزا مع النبي(ص) سبع عشرة غزوة ، وشهد صِفِّين مع علي ، ومات بالكوفة. روى له البُخاري ومُسلم 70 حديثاً ، توفِّي سنة 68هـ . يُنظر: الأعلام للزركلي: 4/ 188.
[8] عبدالله بن أُبيّ بن مالك الخزرجي ، أبو الحُباب ، المشهور بابن سلول ؛ رأس المنافقين في الإسلام ؛ من أهل المدينة . كان سيِّدَ الخزرج في آخر جاهليَّتهم، وأظهر الإسلام بعد وقعة بدر تقيّةً . ولمَّا تهيَّأ النبيُّ(ص) لوقعة أُحد ، انعزل أبيُّ وكان معه ثلاثمائةُ رجلٍ ، فعادَ بهم إلى المدينة ، وفعل ذلك يوم التهيُّؤ لغزوة تبوك . وكان كُلَّما حلَّت بالمسلمين نازِلةٌ شَمُتَ بِهِم ، وكُلَّما سَمِعَ سيِّئةً نشرها ، وله في ذلك أخبار . ينظر: الأعلام للزركلي: 4/ 188.
نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 57