نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 56
ولمَّا كانوا من أهلِ اللِّسان ، عارِفين باللُّغة ، وقد أثبتوا الواسطةَ ، لَزِمَ أنْ يكونَ من الخبَر ما ليسَ بصادقٍ ولا كاذبٍ ؛ ليكونَ هذا منه ، بزعمِهم[1] ، وإنْ كانَ صادقاً في نفسِ الأمر.
وأُجيب: بأنَّ الواسطةَ التي أثبتوها إنَّما هي بين افتراء الكذِبِ والصِّدقِ ؛ وهو غيرُ الكذب ؛ لأنَّه تعمُّدُ الكذب . وحيثُ لا عَمْدَ للمجنون ، كانَ خبرُه قَسيماً للافتراء ، الذي هو أخصُّ من الكذب ، وإنْ لم يكن قسيماً للأعمِّ ؛ ومرجعه إلى حصر الخبرِ الكاذب في نوعيه ، وهما: الكذبُ عََنْ عمدٍ ، والكذبُ لا عن عمد[2].
[ونبَّه] بقوله: سواءٌ وافق اعتقادَ المُخبر، أم لا ؛ على خلافِ النِّظام[3] ؛ حيثُ جعلَ صِدقَ الخبر مطابقته لاعتقاد المُخبر مُطلقاً ، وكذبه عدم المطابقة كذلك . فجعل قول القائل: السماءُ تحتَنا ، معتقداً ذلك ؛ صدقاً . وقوله: السماء فوقنا ، غير معتقد ذلك ؛ كذباً[4] . مُحتجّاً بقوله تعالى: (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ) ؛ إلى قوله: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
[3] الحسن بن محمَّد بن الحُسين القُمِّي النيسابوري ، نظام الدين ، مفسِّر ، له اشتغالٌ بالحكمة والرَّياضيات . أصله من بلدة (قُم) ، ومنشأه وسكنه في نيسابور . له كُتبٌ ، منها: غرائبُ القرآن ورغائبُ الفرقان ـ ط في ثلاث مجلَّدات ـ يُعرف بتفسير النيسابوري ، ألَّفه سنة 828هـ ، وأوقاف القرآن ـ ط ، ولُبُّ التأويل ـ ط ، و شرح الشافية في الصَّرف ، يُعرَف بشرح النظام ـ ط ، توفِّي بعد 850هـ . يُنظر: الأعلام للزركلي: 2/ 234.