نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 55
[ونبَّهَ] بقوله: في الأصحِّ ، على خلاف الجاحظ[1] حيث أثبت فيه واسطةً بينهما . وشَرَط في صدق الخبر ، مع مطابقته للواقع ، اعتقادَ المُخبر أنَّه مطابقٌ ؛ وفي كذبه ، مع عدم مطابقته له ، اعتقادَ أنَّه غير مطابق ؛ وما خَرَجَ عنهما فليس بصدقٍ ولا كِذب[2].
وتحريرُ كلامِهِ: أنَّ الخبر إمَّا مطابقٌ للواقع أو لا ، وكُل منهما إمَّا مع اعتقاد أنَّه مُطابقٌ ، أو اعتقادِ أنّه غير مطابقٍ ، أو بدونِ الاعتقاد ؛ فهذه ستَّةُ أقسام: واحدٌ منها صادقٌ ؛ وهو المُطابق للواقع مع اعتقاد أنَّه مطابق ؛ وواحدٌ كاذبٌ ؛ وهو غيرُ المُطابق مع اعتقاد أنَّه غير مطابق . والأربعةُ الباقيةُ ، وهي: المطابقةُ مع اعتقاد أن لا مُطابقة أو بدون الاعتقاد ، وعدم المطابقة مع اعتقادها أو بدونِ الاعتقاد ؛ ليستْ بصدقٍ ولا كِذب . فكُلٌّ مِن الصِّدق والكذب بتفسيره ، أخصُّ منه بتفسيرِ الجمهور.
واستند الجاحِظُ ـ في قوله ـ إلى قوله تعالى: (أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ)؟[3] حيثُ حَصَرَ الكُفّار إخبارَ النبيِّ (صلى الله عليه وآله)في الافتراء والإخبار حال الجنّة ؛ على سبيل منع الخُلُو[4] . ولا شُبْهَةَ في أنَّ المرادَ بالثاني غيرُ الكذب ؛ لأنَّهم جعلوه قسيمه ؛ وهو يقتضي أن يكون غيره ، وغير الصدق أيضاً ؛ لأنَّهم لا يعتقدون صِدقه(ص).[5]
[1] عمرو بن بحر بن محبوب ، الكِناني بالولاء ، الليثي ، أبو عثمان ، الشَّهير بالجاحظ ، كبيرُ أئمَّة الأدب ، ورئيسُ الفرقة الجاحظيّة من المعتزلة . مولده ووفاته في البصرة ، 163 ـ 255هـ . فُلِجَ في آخر عمره ، وكان مُشوَّه الخلقة . ومات والكتابُ على صدره ؛ قتلتهُ مُجَلَّداتٌ من الكُتُب وقعت عليه . له تصانيفُ كثيرةٌ ؛ منها: الحيوان ، والبيان والتبيين... يُنظر: الأعلام للزركلي: 5/ 239.