من الأمرين القاء المكلف فيما لا يطاق، بل كل يقتضي موضوعا لا يقتضي غيره [1].
يلاحظ عليه:
أولا: ان التأخر الرتبي يحتاج إلى وجود الملاك في نفس الشيء، و إلا بمجرد كونه مقارنا لما هو متأخر عنه رتبة عن شيء آخر، لا يوجب اتصافه بالتأخر الرتبي. و المقام كذلك، لأن تأخر الإطاعة عن الأمر ناشئ من كونها بمنزلة اثر الأمر و معلوله، فتتأخر عن الأمر تأخر المعلول عن علته، و اما العصيان، فليس فيه هذا الملاك، إذ ليس الأمر مقتضيا لعصيان المكلف، حتى يتأخر عنه. فبقي كونه مصاحبا و مقارنا للإطاعة المتأخرة رتبة، و قد عرفت أنه لا يقتضي التأخر الرتبي.
و التمسك بقانون المساواة في الرتب العقلية غير صحيح، إذ هذا القانون إنما هو راجع إلى الكميات المتصلة كما في المسائل الهندسية، فإذا كانت زاوية الف مساوية لزاوية ب، و كانت زاوية ب مساوية لزاوية ج فينتج ان زاوية (الف) مساوية لزاوية (جيم) قطعا. و الكميات المنفصلة، كما لو كان زيد متأخرا عن عمرو تاخرا زمانيا، و كان زيد و بكر من حيث الزمان متقارنين، فيكون بكرا أيضا متاخرا عن عمرو.
و ليس كذلك في التأخر العقلي، فان الشيء لا يوصف به إلا إذا كان فيه ملاك التأخر، و لأجل ذلك لا يكون ملازم المعلول متأخرا عن العلة، و لا عدم المعلول متأخرا عن تلك العلة، مع أن ملازم المعلول و عدمه مع المعلول في رتبة واحدة.