الاستثناء، فإنّ المؤمن لا ينبغي أن يشترط ما يخالف كتاب اللّه حتّى يكون من صفته عدم الوفاء به، و مقتضى الاحتمال المذكور أنّه يشترط المخالف للكتاب لكنّه لا يفي به، و هو كما ترى.
و أمّا إذا أردنا منه الحكم بالوجوب: فلا حزازة فيه أصلا، مع أنّ الوارد في كثير من الروايات: «المؤمنون عند شروطهم» [1] فيكون الاحتمال المذكور فيه أضعف.
مضافا إلى أنّ قوله (عليه السلام): «إلّا من عصى اللّه» [2] على تقدير إرادة المدح مستثنى متّصل عن المؤمنين، و مقتضاه لزوم و العصيان بمخالفة الشرط، و هو معنى الوجوب.
و كذلك لو أريد به الحكم، و جعل مستثنى منقطعا.
و إن أريد به: «إلّا من عصى اللّه بالشرط بأن شرط ما خالف الكتاب» فهو أيضا لا يناسب المدح، و يرد عليه ما سبق، و لا حزازة عليه مع إرادة الحكم، هذا. مع أنّ فهم العلماء عصرا بعد عصر في جميع أبواب الفقه أعظم شاهد على ذلك، و لم نقف على من قدح في ذلك، بل يظهر من تأويلهم بعض الأخبار المذكور فيه هذا اللفظ في بعض الشروط و حملهم على الاستحباب أنّ الأصل فيه الوجوب، كما سيظهر لك.
و يظهر من بعض الأخبار الآتية أيضا أنّ المراد منه الوجوب، و قد مرّت رواية إسحاق بن عمّار الدالّة على ذلك [3].
[حقيقة الشرط العرفية]
ثمّ إنّ لفظ الشرط لم تثبت فيه حقيقة شرعيّة يحمل عليها، و قد ذكرنا أنّ ماله حقيقة عرفية إلى الإلزام و الالتزام، أو ما ينتفي بانتفائه المشروط، فيشمل كلّ ما
[1]. تهذيب الأحكام 7: 371، ح 1503؛ الاستبصار 3: 232، ح 835؛ وسائل الشيعة 15: 30، أبواب المهور، ب 20، ح 4.
[2]. تهذيب الأحكام 7: 371، ح 1503؛ الاستبصار 3: 232، ح 835؛ عوالي اللآلي 3: 217؛ وسائل الشيعة 15:
30، أبواب المهور، ب 20، ح 4.
[3]. تهذيب الأحكام 7: 467، ح 1872؛ وسائل الشيعة 12: 353، أبواب الخيار، ب 6، ح 5.