إلى التأمّل فيه، فإنّ عقد النكاح من حيث هو إن كان يقتضي جواز الزيادة، لزم في عقد الرابعة إمّا تقدّم المقتضى- على صيغة المفعول- على المقتضي، أو جواز الخامسة و ما زاد، و هما باطلان، بل ذلك حكم من الأحكام الخارجة عن العقد اللاحقة به، لا من لوازمه المتولّدة منه الحاصلة بسببه، و ذلك هو معنى الاقتضاء، لا مطلق الارتباط و التعلّق.
[حكم اشتراط عدم إخراج الزوجة من بلدها]
و من ذلك يظهر أنّ ما ذكره ابن إدريس [1] و من تبعه [2] في بطلان شرط ألا يخرج الزوجة من بلدها «من أنّ الاستمتاع بالزوجة في الأزمنة و الأمكنة حقّ الزوج بأصل الشرع، و كذا السلطنة له عليها، فإذا شرط ما يخالفه، وجب أن يكون باطلا أيضا» لا وجه له، فإنّه إن أراد بذلك هذا الشرط خلاف مقتضى العقد، فقد بيّنّا لك سابقا بطلانه، و إن أراد أنّه رفع لما كان جائزا في الشرع، فهذا إن كان سببا لبطلان الشرط، لا يبقى مصداق للشرط السائغ في العقود.
و ربّما يفرّق بين ما كان الشرط رافعا لما كانت مشروعيّته بالنصّ عليه في باب ذلك العقد بالخصوص، كاشتراط ألا يتزوّج، و ألا يتسرّى، فإنّ الزيادة على الواحدة منصوص بها في الشرع بالخصوص. و ما كانت مشروعيّته بالعموم، كعدم إخراج المرأة من بلدها، و عدّ الأوّل من الشروط المخالفة للكتاب و السنّة دون الثاني، و ذلك أيضا مجازفة لا طائل تحتها، و غير مطّردة في مواردها.
و من أغرب ما ذكر في المقام ما ذكره ابن إدريس في اشتراط عدم الاقتصاص:
«أنّ الذي يقتضيه المذهب أنّ الشرط باطل؛ لأنّه مخالف لموضوع الكتاب و السنّة؛ لأن الأصل براءة الذمّة من لزوم هذا الشرط، و الإجماع غير منعقد عليه، بل ما يورد ذلك إلّا في شواذّ الأخبار» [3] انتهى.