و اعلم، أنّ لفظ الشرط في هذا المقام يحتمل أحد المعنيين: إمّا ما ينتفي المشروط بانتفائه، و كان هو ممّا يتوقّف عليه وجود المشروط، و إن لم يلزم من وجوده وجود المشروط. أو ما يلزم و يلزم به. و كلاهما من المعاني الحقيقية العرفية، و لكنّهم لمّا كانوا يستدلّون في هذا المقام بمثل قولهم (عليهم السلام): «المؤمنون عند شروطهم» في موارد [1] هذه المسألة، فلا بدّ من حمله على مطلق الإلزام و الالتزام؛ لئلّا يلزم استعمال المشترك في معنييه، أو اللفظ في معنييه الحقيقي: و المجازي، سواء قدر بين المتعاقدين صيرورة ذلك الملتزم شرطا بالمعنى الأوّل أولا، و إن كان ظاهر كلام الأكثر إرادة المعنى الأوّل، كما سنشير إليه في المبحث الرابع.
فانقدح من ذلك و ظهر أنّ هذا الشرط ليس ممّا تثبت شرطيّته من الشارع بالخصوص، كالطهارة للصلاة، و حلول الحول للزكاة، و نحو ذلك، بل هو من جعل المكلّفين، و جوّزه الشارع، و لا قاعدة فيه كليّة إلّا كونه مشروعا و غير مشروع، و أنّه يمكن أن يجعل ذلك الشرط محض التزام شيء أو إيجابه على أحد المتعاقدين أو كليهما من دون اشتراط انتفاء العقد و انفساخه بانتفائه، أو يجعل ذلك شرطا بمعنى تعليق بقاء العقد و استمراره على حصول ذلك الشرط.
و لا يذهب عليك أنّ مرادنا من كونه مشروعا و غير مشروع، مشروعيّته و عدم مشروعيّته بالذات، لا من جهة الشرطية حتّى يلزم التناقض فيما ذكرنا.
و بالجملة، المراد من الشرط في هذا المقام التزام شيء أو إلزام شيء، سواء علّق عليه استمرار العقد أو لا.
[1]. تهذيب الأحكام 7: 371، ح 1503؛ الاستبصار 3: 232، ح 835؛ عوالي اللآلي 3: 217؛ وسائل الشيعة 15: