فلنرجع إلى الكلام في المسألة المسئول عنها و نقول: إنّ هذه الأدلّة الّتي ذكرناها جارية في تلك المسألة، بل جريانها فيها أولى فأولى ثمّ أولى.
و نزيد إيضاحا و تبيانا في تلك المسألة و نمهّد لك في توضيحها مقدّمتين:
المقدّمة الأولى: في تعلّق الزكاة بالعين
إنّ الزكاة تتعلّق بالعين لا بالذمّة، كما هو المشهور بين الأصحاب، المدّعى عليه الإجماع.
قال العلّامة في المنتهى: «الزكاة تجب في العين لا في الذمّة، ذهب إليه علماؤنا أجمع، سواء كان المال حيوانا أو غلّة أو أثمانا، و به قال أكثر أهل العلم، و للشافعي قولان، و عن أحمد روايتان» [1].
و قال في التذكرة: «الزكاة تجب في العين لا في الذمّة عند علمائنا، و به قال أبو حنيفة و مالك و الشافعي في الجديد، و أحمد في أظهر الروايتين».
إلى أن قال: «و قال الشافعي في القديم: إنّها تتعلّق بالذمّة، و العين مرتهنة بذلك».
و يظهر [2] الإجماع أيضا من المحقّق في المعتبر، حيث نسب الخلاف إلى بعض العامّة أيضا، فإنّه قال: «الزكاة تجب في العين لا في الذمّة، حيوانا كان المال أو زرعا أو عينا أو فضّة، و به قال أكثر أهل العلم، و للشافعي و أحمد قولان» [3].
و لم نقف في هذا الحكم على مخالف من الأصحاب.
نعم، نقل الشهيد (رحمه اللّه) في البيان عن ابن حمزة أنّه نقل عن بعض الأصحاب وجوبها في الذمّة [4].