الحمد للّه الّذي رفع عنّا مئونة الأديان الباطلة بمعونة سادات الأنام، و وضع عنّا أوزار تخرّج الإذعان بالسنن العاطلة بعين العناية و الإكرام.
و الصلاة و السلام على أشرف من أوضح سبل الشرائع و الأحكام، و أكرم من ميّز الحلال عن الحرام، محمّد و آله الهادين إلى دار السلام، و صحبه المنتجبين الكرام، ما تتابعت الليالي و الأيّام، و توالت الشهور و الأعوام.
أمّا بعد: فقد ذاكرني جماعة من سادات فضلاء الأصحاب، و طائفة من أطائب خيار الأحباب في بلدة المؤمنين قم بابتلائهم بالحرج الشديد، و الضرر الأكيد، من أجل أجرة الحصاد و الحمالة و الرضاضة، و ما يلزمهم من ذلك من الخسارة و المنقصة و الغضاضة و أنّهم إن أخرجوا الزكاة عن الأمور المذكورة و لم يضعوها، فلا مناص لهم عن ترك الزراعة، و حرمان الفقراء رأسا بأن يدعوها.
و اقترحوا عليّ في أن أبيّن لهم حال هذه المسألة و مبناها، و أذكر لهم ما يترجّح في النظر القاصر من حكمها و فتواها.
فأقدمت إلى إجابة مرامهم، مع اعترافي بقلّة البضاعة، و نزر الاستطاعة، مع ما أشاطني الأوان بالعوائق و المحن، و أحاطني الزمان برزايا النوائب، و ناقضني بالتوائق و الإحن.