ثمّ إنّه لا بدّ من بيان تحقيق موارد القرعة، و إنّها هل هي عامة الأحكام و الموضوعات، أو مختصّة بالموضوعات؟ و هل تجري في العبادات، أو مختصة بالمعاملات؟
و الظاهر أنّه لا إشكال في عدم جريانها في الأحكام و الفتاوى؛ لعدم الإشكال فيهما؛ لثبوت المناص فيما هو غير متيقّن الثبوت بالأدلّة الظنية الممهّدة لاستنباطها بالخصوص و بالعموم، و الدالّة على حكم ما لم يظهر حكمها بالخصوص؛ لتعارض الأدلّة و خطائها من التخيير و أصل البراءة و غير ذلك، بل الظاهر أنّه إجماعي كمّا صرّح به الشهيد (رحمه اللّه) في القواعد [1].
و أمّا الموضوعات: فالظاهر فيها أيضا الجريان بالعموم، إلّا ما قام الدليل فيها بالخصوص، مثل ما دلّ من الأدلّة على حلّيّة ما هو مشتبه بالحرام.
حكم الشبهة المحصورة و حكم القرعة فيها
و قد اختلفوا في الشبهة المحصورة و تعيين المحرّم فيها على أقوال:
[القول] الأوّل: الحرمة مطلقا؛ ذهابا إلى مقتضى وجوب المقدّمة.
و هو باطل؛ لمنع وجوب الاجتناب عمّا لم تعلم حرمته أو نجاسته، خرجنا عن مقتضى ذلك في الإناءين المشتبهين للنصّ و الإجماع.
و [القول] الثاني: الجواز إلى أن يبقى منه ما يحصل اليقين بارتكاب الحرام لو ارتكبه؛ لأنّه حينئذ ارتكاب للحرام الواقعي، و هو أيضا ضعيف؛ لمنع حرمته.
نعم، يحصل بعده شغل الذمّة بالحرام، و تجب البراءة منه. و كذلك العلم بالنجاسة،