قلت: فحينئذ لا حاجة إلى القاسم و نصبه، بل إنّما هو لأجل اعتماد الشركاء بقوله و إن لم يحضروا معه، و لم يطّلعوا على كيفيّة القسمة، فالاعتماد لا بدّ أن يكون من جهة إخبار العدل، فالأمر فيهما سواء. و أمّا من جهة الشهادة: فكذلك. مع أنّ التقسيم محتاج إلى الكيل أو الوزن أو الذرع غالبا، و كلّها تتفاوت بتفاوت الأشخاص و الأحوال و الأجناس، و كذلك المساحة، و تمييز الجيّد و الرديء في النقدين و غير ذلك، فلا بدّ في الكلّ من الوثوق و الاعتماد.
و أمّا نصب علي (عليه السلام) قاسما واحدا: فهو مطلق، و لم ينقل أنّه كان لأجل تقسيم غير المحتاج إلى التقويم، و هو ظاهر في العموم و إن قلنا بعدم العموم في فعل المعصوم، إلّا أن يقال: القسمة هي تمييز الحقوق، و التقويم شيء آخر، فالقاسم غير المقوّم و إن أمكن اجتماعهما في شخص واحد، فما نسبه في المسالك إلى الأصحاب في القاسم الغير المقوّم و المقوّم [1] إنّما هو بملاحظة الحيثيّتين، و لكن الشأن في إتمام دليل المسألة، و قد عرفت أنّه غير تمام.
و الحاصل إن بنينا الأمر على الشهادة، فالإخبار عن القسمة في غير المحتاج إلى التقويم أولى باعتبار التعدّد؛ لكونه أنسب بالشهادة من المحتاج؛ لكونه علميا، دون المحتاج؛ لكونه عمليا، و العلم معتبر فيها.
و إن بنينا الأمر على أنّه بمنزلة حكم الحاكم، فيكون الواحد كافيا، فلا فرق، مع أنّ المحتاج أوفق بالحكم من غيره؛ لكونه مبنيّا على الظنّ.
و إن بنينا الأمر على أنّ الإخبار في غير المحتاج بمنزلة الخبر عن نفس الأمر و الرواية، فيكفي فيه الواحد، دون المحتاج، فإنّه إخبار عن موافقة المعتقد لنفس الأمر، و هو ليس بخبر حتّى يكفي فيه الواحد. ففيه، أنّ المفتي أيضا كذلك، و يكفي فيه الواحد.