و إنّما قلنا إنّ القرعة إنّما بعد التحالف و نكولهما معا بخلاف التنازع في الأموال، فإنّ الحلف هناك بعد القرعة؛ لعدم الثمرة هنا؛ لعدم إمكان القسمة بينهما بعد نكولهما.
المطلب السادس: في القسمة
[تعريف القسمة و حقيقتها و شرعيتها]
و هو تميّز أحد النصيبين بل تعيّنه فصاعدا عن الآخر. و ليست عندنا بيع و لا صلح و لا غيرهما، خلافا لكثير من العامّة [1]، فجعلوها بيعا إمّا مطلقا، أو إذا كانت ترضية على اختلافهم؛ نظرا إلى أنّ كلّ جزء يفرض مشترك بينهما، فتخصيص كلّ واحد بجزء معيّن و إزالة ملك الآخر عنه بعوض مقدّر- و هو ملكه في الجزء الآخر- على جهة التراضي، مقتضى البيع.
و فيه أوّلا: منع لزوم المعاوضة مطلقا، كما سيجيء بيانه.
و ثانيا: أنّ البيع يحتاج إلى صيغة عند المشهور [2] بخلافها، و أنّ الإجبار يدخل القسمة، و يقدّر أحد النصيبين بقدر الآخر إذا تساوى السهمان، و اختلاف اللوازم يدلّ على اختلاف الملزومات.
و تظهر الثمرة في الشفعة، و خيار المجلس، و قسمة الوقف من المطلق و غير ذلك، فالقسمة أمر مستقل يوجب تمليك الشريك حصّته. و شرعيّتها ثابتة بالإجماع، بل الضرورة، و الكتاب؛ لقوله تعالى: وَ إِذٰا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ[3] الآية.
و السنّة، كقولهم (عليهم السلام): «الشفعة فيما لا يقسم» [4].
[1]. حكاه عنهم الشهيد الثاني في مسالك الأفهام 4: 318، و انظر المغني 10: 197.