و بالجملة، لا يعتبر هنا قصد المدّعي، فربّما يكون مقصود المدّعي في إثبات النسب، هو أخذ الميراث لا غيره.
و ربّما يكون مقصود من يدّعي الجناية إثبات فسق الجاني لا غيره.
فمرادهم أنّه تثبت الدعوى بالشاهد و اليمين إذا كان المدّعى من الأسباب الموضوعة لحصول المال، و إن لم يكن ذلك مقصود المدّعي.
و تحقيق ذلك أيضا و تعيين مواردها مشكل، و لذلك اختلف الفقهاء في كثير من الموضوعات، فإنّا نعلم جزما أنّ الشارع جعل البيع سببا لانتقال الملك، و كذلك الإجارة لحصول المنفعة الّتي هي المال، و استحقاق المؤجر وجه الإجارة، و جعل الجناية بعنوان الخطأ سببا لتعلّق الدية في أغلب المواضع، كما جعل عمدها سببا للقصاص، و كذلك جعل الإقرار بالمال سببا للزوم المال، بخلاف الإقرار بالقتل، و هكذا.
و قد يكون شيء واحد ذو جهتين، مثل السرقة، فمن حيث إنّها سبب للزوم الغرامة و ردّ المال، فهو ممّا يتعلّق بالأموال، و من حيث إنّها موجبة للحدّ، فليس كذلك، فتثبت الغرامة بالشاهد و اليمين، بخلاف الحدّ.
عدم ثبوت النسب و النكاح بالشاهد و اليمين
و أمّا النسب: فليس كذلك، فإنّ وضع الأنساب و الأسباب الحاصلة بالمصاهرة و نحوها ليس لأجل انتقال مال بعضهم إلى بعض، و إن ترتّب حكم الميراث على ذلك بعد تحقّقه، بل إنّما هو باب مقصود بالذات، منظور لأرباب العرف، يحصل به التعارف و الشرف و الضعة، و غير ذلك.
و أمّا كون الميراث مبنيّا على ذلك، أو وجوب النفقة مترتّبا عليه: فهو لا يجعل أصل وضعه لذلك، كما لا يخفى.
فدعوى النسب أو الزوجية لأجل أخذ الميراث، لا تثبت بشاهد و يمين، بل إنّها