و يمكن أن يقال: إنّ العمومات الدالّة على أنّ اليمين مشابهة للحقّ، مثل قولهم (عليهم السلام): «أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة، و يمين قاطعة، و سنّة ماضية» [1].
و مثل ما روي عن عليّ (عليه السلام): «أنّه تعالى قال في جواب نبيّ من الأنبياء شكا إلى ربّه القضاء: اقض بينهم بالبيّنات، و أضفهم إلى اسمي» [2]، يكفي في ذلك، فيحلف المدّعي حينئذ. و لا دليل على تخصيص جواز الحلف عليه بالدماء.
و أمّا قوله (عليه السلام): «البيّنة على المدّعي، و اليمين على المدّعى عليه» [3]: فهو وارد مورد الغالب من كون المدّعى عليه منكرا، و لذلك عبّر عن المدّعى عليه في لفظ آخر بالمنكر، و لا حجّة في القيد الغالب، فتبقى العمومات شاملة لما نحن فيه، فالمراد بالبيّنة و اليمين في قوله (عليه السلام): «البيّنة على المدّعي، و اليمين على من أنكر» 4، البيّنة و اليمين الممكنتين حصولهما في مادّة، يعني إذا أمكن إقامة البيّنة و الحلف في واقعة لكلّ من المتداعيين، فالبيّنة وظيفة المدّعي و اليمين وظيفة المنكر، لا أنّه لا يمكن و لا يجوز إقامة البيّنة للمنكر و لا تنفع له في شيء، و لا يمكن و لا يجوز الحلف للمدّعي و لا ينفعه في شيء أصلا، حتى يقال: إنّ التفصيل قاطع للشركة، و فهم هذا يحتاج إلى لطف قريحة، و ستجيء زيادة التحقيق في معنى الحديث في تعارض البيّنات.
و بالجملة، هذه العمومات مع عدم ظهور المخصّص لها، و لزوم الحرج في إيقاف الدعوى، و لزوم الضرر على المدّعي الثابت حقّه في نفس الأمر، مع ملاحظة ما نسب إلى ظاهر فتوى الأصحاب من ثبوت اليمين على المدّعي حينئذ؛ يكفي في
[1]. الكافي 7: 432، ح 20؛ وسائل الشيعة 18: 27، أبواب صفات القاضي، ب 6، ح 19 و ص 168، أبواب كيفية الحكم، ب 1، ح 6.
[2]. الكافي 7: 414، ح 3؛ وسائل الشيعة 18: 167، أبواب كيفية الحكم، ب 1، ح 2.
[3] (3 و 4). وسائل الشيعة 18: 170، أبواب كيفية الحكم، ب 3.