و هذا القول في الطرف المقابل للقول بإضافة خالق النور و الظلمة في المجوس.
و الاعتبار يقتضي أنّ من يريد إنفاذ الحقّ، فتقتضي الحكمة التحليف بما يخوّفه و يردعه عن الحلف، و إن كان غير موافق لدين الإسلام، و من يريد الإضرار بالحالف بإهلاكه فمقتضى الحكمة تحليفه باللّه تعالى؛ لأنّه الموجب لمؤاخذة المجترئ بالقسم.
و يدلّ على التغليظ عليهم بما يعتقدون شرفه أيضا ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليه السلام): «إنّ عليّا (عليه السلام) كان يستحلف اليهود و النصارى في بيعهم و كنائسهم، و المجوس في بيوت النيران، و يقول:
و كيف كان، فردّ قول الجماعة مشكل، و الأحوط الوقوف مع النصوص المعتبرة.
ثمّ إنّهم ذكروا أنّه لا يجوز الإحلاف إلّا للحاكم، و لم نعرف في ذلك خلافا.
و يدلّ عليه أنّه من تتمّة الحكم، و هو شأن الحاكم، و هو المتبادر من الأخبار أيضا.
و أمّا لزوم كونه في مجلس الحكم- كما يظهر من بعض العبارات-: فوجوبه غير معلوم، و إن كان هو المنساق من ظاهر الروايات، لكنّها لا تفيد الاشتراط، بل ما يدلّ على استحباب تغليظ اليمين بالمكان- كما سيجيء- يدلّ على جوازه في غيره أيضا، سيّما مع ملاحظة كراهة الحكم في بعضها.
و قد استثنوا من ذلك المعذور، كالزمن و الخائف و المرأة الغير المبرزة و الحائض و النفساء، مع كون الحاكم في موضع لا يجوز لهما المكث فيه، أو الدخول، فيستنيب الحاكم من يحلفه إذا كان حضور الحاكم عنده شاقّا عليه، أو منافيا لشأنه و مسقطا محلّه عند الناس، كلّ ذلك لنفي العسر و الحرج.
[1]. قرب الإسناد: 42، وسائل الشيعة 16: 166 أبواب الأيمان ب 32 ح 11.