الحكم به، فلذلك يجوز الاستدلال بمثل هذه الرواية في أصل الحكم كما ذكروه في دليل التنبيه، مثل قوله (عليه السلام): «كفّر» في جواب من سأل عن الوقاع في شهر رمضان [1].
فالأولى الاستدلال بما رواه الشيخ في الحسن- لإبراهيم بن هاشم- عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن جماعة من أصحابنا، عنهما (عليهما السلام)، قالا في الغائب:
«يقضى عليه إذا قامت عليه البيّنة، و يباع له، و يقضى عنه دينه و هو غائب، و يكون الغائب على حجّته إذا قدم» قال: «و لا يدفع المال إلى الذي أقام البيّنة إلّا بكفلاء». [2]
و مقتضى الرواية، لزوم الكفيل، و لا بأس به، و يؤيّده الاعتبار أيضا.
و لا يضرّ الإرسال من مثل ابن أبي عمير و جميل، سيّما إذا كانت الرواية عن جماعة من أصحابنا، و لهذه الرواية طرق أخرى في الكافي و التهذيب، ضعيفة.
و كيف كان، فعمل الأصحاب يجبره و يعاضده، و قد مرّت صحيحة زرارة في حكم مدّعي الإعسار، و هي أيضا بعمومها تدلّ على ما نحن فيه.
و أمّا ما رواه في قرب الإسناد عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عن عليّ (عليه السلام)، قال: «لا تقضي على غائب» [3] فيمكن حمله على التقيّة- و حمله في الوسائل على أنّه لا تجزم بالقضاء عليه، بل يكون على حجّته- أو على الغائب من المجلس و هو حاضر في البلد [4].
و بالجملة، الرواية ضعيفة جدّا، فلا يعارض بها ما تقدّم.
و كيف كان، فالأحوط الاقتصار على مورد الوفاق، و مراعاة خلاف الشيخ [5].
[1]. وسائل الشيعة 7: 24، أبواب ما يمسك عنه الصائم، ب 4.
[2]. تهذيب الأحكام 6: 296، ح 827؛ وسائل الشيعة 18: 216، أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى، ب 26، ح 1.
[3]. قرب الإسناد 141، ح 508؛ وسائل الشيعة 18: 217، أبواب كيفية الحكم، ب 26، ح 4.
[4]. وسائل الشيعة 18: 217، أبواب كيفية الحكم، ب 26، ذيل ح 4.