السادس: في عدم جواز الحكم على الغائب إذا كانت الدعوى في حقوق اللّه و جوازه في حقوق الناس
لا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز الحكم على الغائب إذا كانت الدعوى في حقوق اللّه كالزنا و اللواط و نحوهما. فيصبر حتّى يحضر و يثبت فيحكم عليه؛ للأصل؛ و لأنّها مبنيّة على التخفيف؛ و لقوله (صلى اللّه عليه و آله): «ادرءوا الحدود بالشبهات» [1] و الظاهر أنّه إجماعي.
و أمّا حقوق الناس: فالمشهور بينهم، بل المعروف من مذهبهم [2] و مذهب أكثر العامّة، جواز الحكم عليه إذا كان غائبا من البلد، أو تعذّر عليه الحضور.
و أمّا لو كان حاضرا في البلد و لم يحضر قصدا أو من دون اطّلاع: فالمشهور بينهم أيضا الجواز [3]، خلافا للشيخ في المبسوط [4].
و احتجّوا على جواز مطلق الحكم على الغائب بحكاية هند زوجة أبي سفيان:
أنّها جاءت إلى النبيّ (صلى اللّه عليه و آله) و قالت: إنّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني و ولدي، أ يجوز أن آخذ من ماله ما يكفيني و ولده؟ قال: «خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف» و كان أبو سفيان غائبا من المجلس حاضرا في البلد [5].
و ضعفه منجبر بالعمل، لكن في دلالته تأمّل، فإنّ الظاهر أنّه من باب الاستفتاء و الإفتاء، لا من باب الحكم.
فحاصله، جواز المقاصّة للحقّ الثابت، و تخصيص المورد بالسؤال لا يخصّص
[1]. الفقيه 4: 53، ح 190؛ وسائل الشيعة 18: 336، أبواب مقدّمات الحدود، ب 24، ح 4.