و إن لم يعلم بذلك، فعلى الحاكم أن يعلمه بذلك، فإن قال: «لا بيّنة لي» فيعرّفه أنّ له على المدّعى عليه اليمين، و لا يجوز تحليفه إلّا بعد سؤال المدّعي بلا خلاف ظاهر بينهم [1]؛ لأنّه حقّه و يسقط حقّه، فقد يتعلّق غرضه ببقاء الدعوى لتذكّر البيّنة و نحو ذلك. فإن تبرّع المنكر به، أو أحلفه الحاكم بدون إذنه لغي، و إن كان لا يصحّ إلّا بإذن الحاكم أيضا؛ لأنّه وظيفته.
فإذا حلف صحيحا، تسقط منه الدعوى في الدنيا، و يجب عليه إبراء الذمّة بينه و بين نفسه. و كذلك المدّعي لا تجوز له المطالبة و لا المقاصّة بماله، كما كان له قبل التحليف، و لا العود في الدعوى، و لكن يبقى حقّه في ذمّته إلى يوم القيامة، و لم ينقلوا في ذلك خلافا، بل نقل عليه اتّفاق المسلمين [2] و الأخبار متضافرة بما ذكر [3]، و ستأتي جملة منها.
عدم سماع البيّنة مطلقا بعد التحليف
و لو أقام بيّنة بعد التحليف، ففي سماعها و عدمه أقوال: ثالثها: السماع إلّا مع اشتراط المنكر سقوط الحقّ بالحلف، و رابعها: السماع مع عدم علمه بها أو نسيانها.
و الثاني له في الخلاف؛ مدّعيا عليه الوفاق [5]، و هو قول الأكثر [6].
[1]. كما عليه الشهيد الثاني في مسالك الأفهام 13: 459، و الفيض في المفاتيح 3: 255، و الفاضل الهندي في كشف اللثام 2: 337، و السيّد علي في رياض المسائل 2: 397.