قالوا: لا يحلّ له أن يحكم به و إن أمن من التزوير؛ لإمكان التذكّر، فيحصل العلم، و لأنّه كالشهادة، فإنّه لا يجوز بمثله كما ورد في الأخبار، إلّا أنّ في بعضها: «لا تشهد بشهادة لا تذكرها، فإنّه من شاء كتب كتابا أو نقش خاتما» [1].
و في بعضها: «الرجل يشهدني على الشهادة فأعرف خطّي و خاتمي، و لا أذكر من الباقي قليلا و لا كثيرا، قال، فقال لي: «إذا كان صاحبك ثقة و معك رجل ثقة فاشهد له» [2].
و يظهر منها أنّ المنع في غيرهما من الأخبار لخوف التزوير، أو احتمال السهو و الغافلة، فعلى هذا لو جزم بعدم المذكورات فيجوز الحكم، كما يظهر من المحقّق الأردبيلي (رحمه اللّه) أيضا [3].
و الحاصل أنّ العلم إمّا يحصل أوّلا بما في نفس الأمر، أو بواسطة ما يستلزمه، و لذلك استدلّ الأصحاب [4] على جواز القضاء بالعلم بالأخبار الّتي دلّت على قضاء عليّ (عليه السلام) للنبي (صلى اللّه عليه و آله)، معلّلا بأنّا نصدّقك بالجنّة و النار و غيرها، فكيف لا نصدّقك فيما تدّعي [5]، فالعلم حصل باعتبار العصمة، لا باعتبار العلم بوقوع الواقعة بخصوصها.
[أحكام إقامة البينة و رد اليمين]
مطالبة المدّعي بالبيّنة
و إن لم يكن الحاكم عالما بالحال بوجه، فإن علم المدّعي أنّه موضع المطالبة بالبيّنة حينئذ، فيختار الحاكم بين السكوت و بين أن يسأله عن البيّنة.
[1]. الكافي 7: 383، ح 4؛ تهذيب الأحكام 6: 259، ح 683؛ الاستبصار 3: 22، ح 66؛ وسائل الشيعة 18: 235، أبواب الشهادات، ب 8، ح 4.
[2]. الكافي 7: 382، ح 1؛ الفقيه 3: 43، ح 145؛ تهذيب الأحكام 6: 258، ح 681؛ وسائل الشيعة 18: 234، أبواب الشهادات، ب 8، ح 1.