درّاجا يصيح، فكلّمه (عليه السلام)، فقال: «يا درّاج، منذ كم أنت في هذه البرّيّة، و من أين مطعمك و مشربك؟» فقال: يا أمير المؤمنين، منذ مائة سنة أنا في هذه البرّيّة، و مطعمي و مشربي إذا جعت أصلّي عليك فأشبع، و إذا عطشت أدعو على ظالميك فأروى.
قلت: يا أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليك و سلامه)، هذا شيء عجيب، و ما أعطي منطق الطير إلّا سليمان بن داود (عليه السلام).
قال (عليه السلام): «أو ما علمت أنّي أعطيت سليمان بن داود ذلك، و لو لا أنا ما خلق سليمان و لا داود و لا أبوهما آدم».
ثمّ قال (عليه السلام): «تريد أن أريك شيئا أعجب من هذا؟».
قلت: بلى يا أمير المؤمنين و خليفة ربّ العالمين.
قال: فرفع رأسه (عليه السلام) إلى السماء و قال: «يا طاوس اهبط» فهبط.
ثم قال (عليه السلام): «يا باز اهبط» فهبط، ثم قال (عليه السلام): «يا غراب اهبط» فهبط، ثم قال (عليه السلام):
«يا سلمان اذبحهم و انتف ريشهم، و اقطعهما إربا إربا، و اخلط لحومهم».
قال سلمان رضى اللّه عنه: ففعلت ذلك كما أمرني أمير المؤمنين (عليه السلام). و قال (عليه السلام): «ما تقول؟».
قلت: يا مولاي أطيار تطير في الهواء، و لم أعرف لها ذنبا، أمرتني بقتلها.
قال (عليه السلام): «تريد أن أحييها الساعة؟»
قلت: بلى يا أمير المؤمنين.
قال: فنظر إليها و قال (عليه السلام): «طيري بقدرة اللّه» فطارت الطيور جميعا بإذن اللّه، فتعجّبت من ذلك، و قلت: يا مولاي هذا أمر عجيب.
قال (عليه السلام): «يا سلمان لا تعجب من أمر اللّه، فإنّه قادر على ما يشاء، فعّال لما يريد، إيّاك و أن يحول بوهمك شيء، أنا عبد اللّه و خليفته، أمري أمره، و نهي نهيه، و قدرتي قدرته، و قوّتي قوّته».
ثم لمّا وصف نفسه الشريفة في مرتبة الذلّ و الفناء، و في مرتبة العزّ و العلى على