مراده ليس تفويت المال عليهم، سيّما إذا كان الدين قليلا بالنسبة إلى المال.
و ما رواه المشايخ الثلاثة أيضا المذكورة في الصحيح، عن منصور بن حازم، قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل أوصى لبعض ورثته أنّ له عليه دينا، فقال: «إن كان الميّت مرضيّا فأعطه الذي أوصى له» [1].
و الظاهر اعتبار كونه مرضيّا، عدم اتّهامه على الورثة، فإنّه لا ريب في أنّ ترك الإجحاف على الورثة أفضل كما بيّنّاه سابقا، و المرضيّ لا يترك المستحبّ.
[بيان مستند قول العلّامة و ردّه]
و لعلّ العلّامة استند إلى هذه الرواية في اعتبار العدالة [2].
و الظاهر أنّ عدم الاتّهام كاف، و لا يحتاج إلى العدالة، مع أنّ العدالة أيضا لا تمنع من ترك المستحبّ، سيّما مع كونه مظنونا لا متيقّنا، و انتفاء العدالة لا يستلزم التهمة مطلقا، كما لا يخفى. غاية الأمر تساوي الاحتمالين، و هو ليس تهمة، فإنّهم صرّحوا بأنّ مرادهم من التهمة الظنّ الحاصل من الأمارات و القرائن أنّه لا يريد الإخبار عن الحقّ الثابت، بل يريد تخصيص بعض الورثة أو الأجنبيّ بشيء إجحافا على الغير، أو إيثارا للمقرّ له.
اللهم إلّا على احتمال سنبيّنه إن شاء اللّه تعالى.
و أمّا ما ذكره في الكفاية- «من أنّ هذه الصحيحة لا تدلّ على اشتراط كونه مرضيّا؛ إذ لا عموم في المفهوم و قصد به الردّ على اشتراط العدالة» [3]-: فلا يخفى ما فيه؛ لعدم الاحتياج إليه لما بيّنّاه، و لأنّ عموم المفهوم لازم للقول بحجّيّته، كما حقّق في محلّه، فلا ينبغي إنكاره للقائل بالحجّيّة، و لا أظنّه (رحمه اللّه) منكرا للحجّيّة، و إلّا لتشبّث بمنع الحجّيّة.
[1]. الكافي 7: 41، ح 2؛ تهذيب الأحكام 9: 159، ح 656؛ الفقيه 4: 170، ح 594؛ وسائل الشيعة 13: 376، كتاب الوصايا، ب 16، ح 1.