و ضبطه ابن إدريس في السرائر بالفاء [1]، أي أخطأتهم و أغفلتهم، و قد سرفت الشيء- بالكسر- إذا غفلته و جلهته.
و نقل ذلك عن الهروي و الجوهري في الصحاح، قال: «و من قال: سرقتهم بالقاف فقد صحّف؛ لأن السرقة لا تعدّى إلى مفعولين إلّا بحرف الجرّ، يقال: سرقت منهم مالا، بخلاف سرفت بالفاء، فإنّه يعدّى إلى مفعولين بلا واسطة».
أقول: و في الصحاح: سرق منه مالا يسرق سرقا بالتحريك، و الاسم السرق بكسر الراء فيهما- و ربّما قالوا: سرقه مالا [2].
و روى في الفقيه بسنده عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن الصادق (عليه السلام)، قال:
«من أوصى بالثلث فقد أضرّ بالورثة، و الوصيّة بالخمس و الربع أفضل من الوصية بالثلث، و من أوصى بالثلث فلم يترك» [3].
و عن السكوني عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليه السلام)، قال: «قال (صلى اللّه عليه و آله): من أوصى فلم يحف و لم يضارّ كان كمن تصدّق به في حياته» [4].
و أنت خبير بأنّ تنبيه هذه الأخبار على العلّة إنّما هو على عدم جواز التصرّف فيما زاد على الثلث في الوصيّة، و ذلك من جهة أنّ المال بعد الموت إنّما هو للورثة، و الأصل عدم جواز التصرّف فيه بوجه، و جواز التصرّف بقدر الثلث إنّما هو رخصة و توسيع من الشارع، لا أنّ الأصل جواز التصرّف و المنع من الأزيد من الثلث مخصّص له، بخلاف المال حال الحياة، فإنّه مال المورّث بالاتّفاق، و لم ينتقل بعد إلى الورثة حتّى يكون ذلك إضرارا بهم، فالأصل فيه جواز التصرّف إلّا ما أخرجه الدليل، مع أنّه منقوض بالصحيح، خصوصا المشارف على الموت كحال الطلق،