و ضمّت الأنواء أخلافها، # كما استمرّ الماء في الغدر
فأنت سرّ في ضمير العلى، # كالعقد بين الجيد و النّحر
تبرّجت منك وجوه المنى # مرتجّة في النّائل الغمر
إنّك من قوم، إذا استلأموا # تقبّلوا في البيض و السّمر [1]
و قطّروا الخيل بفرسانها، # خارجة عن حلقة الحضر [2]
و جاذبوا الأيّام أثوابها # عنها، بأيدي النّهي و الأمر
من كلّ طلق الوجه سهل الحيا # يبسم عن أخلاقه الغرّ
مقدّم في القوم ما قدّمت # عن ريشها قادمة النّسر
ريّان، و الأيّام ظمآنة، # من النّدى، نشوان بالبشر
لا يمسك العذل يديه، و لا # تأخذ منه سورة الخمر [3]
إليك سيّرت بها شامة، # واضحة في غرّة الدّهر
شدا بها العترف في جوّه، # و ارتاح طير الصّبح في الوكر [4]
أبياتها مثل عيون المها، # مطروفة الألحاظ بالسّحر [5]
جاءت تهنّيك بطوق العلى، # و لفظها يفترّ عن درّ
فاسعد، أبا سعد، بإقباله، # فالهدي مجنوب إلى النّحر
ما هو إنعام، و لكنّه # ما خلع الغيث على الزّهر
جاءتك من قبلي، و إحسانها # يقوم لي عندك بالعذر
و لو أجبت الشّوق لمّا دعا # جاءك بي من قبل أن تسري
[1] استلأموا: لبسوا اللأمة أي الدرع-البيض و السمر: السيوف و الرماح.
[2] الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه.
[3] سورة الخمر: أثرها، سكرها.
[4] العترف: الديك.
[5] أبياتها: الضمير عائد الى القصيدة.
غ