قد كنت آمل أن يكون أمامها # يومي و تشفق أن تكون ورائي
كم آمر لي بالتّصبّر هاج لي # داء، و قدّر أنّ ذاك دوائي
آوي إلى برد الظّلال، كأنّني # لتحرّقي آوي إلى الرّمضاء [1]
و أهبّ من طيب المنام تفزّعا # فزع اللّديغ نبا عن الإغفاء [2]
آباؤك الغرّ الّذين تفجّرت # بهم ينابيع من النّعماء
من ناصر للحقّ أو داع إلى # سبل الهدى، أو كاشف الغمّاء
نزلوا بعرعرة السّنام من العلى # و علوا على الأثباج و الأمطاء [3]
من كلّ مستبق اليدين إلى النّدى # و مسدّد الأقوال و الآراء
يرجى على النّظر الحديد تكرّما، # و يخاف في الإطراق و الإغضاء
درجوا على أثر القرون و خلّفوا # طرقا معبّدة من العلياء
يا قبر!أمنحه الهوى و أودّ لو # نزفت عليه دموع كلّ سماء
لا زال مرتجز الرّعود مجلجل # هزج البوارق مجلب الضّوضاء [4]
يرغو رغاء العود جعجعه السّرى، # و ينوء نوء المقرب العشراء [5]
[1] الرمضاء: النار، الرمال المحرقة، و عبارة «لتحرقي آوي الى الرمضاء» تذكرنا بقول أبي نواس «داوني بالتي كانت هي الداء» .
[2] اللديغ: الذي لدغته الحيّة. و في البيت إشارة الى عادة قديمة و هي أنهم كانوا يساهرون اللديغ فلا يتركونه لئلا يسري السم في جسمه إذا نام.
[3] عرعرة السنام: رأس السنام-الأثباج، جمع ثبج: ما بين الكاهل و الظّهر -الأمطاء، جمع مطا: الظهر.
[4] المرتجز من الرعد: المتدارك الصوت-المجلجل: الرعد المصحوب بالمطر-الهزج: المصوّت-الضوضاء: الضجّة، أصوات الناس في الحرب.
[5] الرغاء: صوت الإبل-العود: المسنّ منها-الجعجعة: أصوات الابل إذا اجتمعت-ينوء: يثقل-المقرب: التي قرب أولادها-العشراء:
التي مضى على حملها عشرة أشهر.