نبا ظهر الزّمان و كنت منه # على جنبي موقّعة ركوب [1]
و قالوا: الشّيب زار، فقلت: أهلا # بنور ذوائب الغصن الرّطيب [2]
و لم آك قبل و سمك لي محبّا، # فيبعد بي بياضك من حبيب
و لا ستر الشّباب عليّ عيبا، # فأجزع أن ينمّ على عيوبي
و لم أذمم طلوعك بي لشيء، # سوى قرب الطّلوع إلى شعوب [3]
و أعظم ما ألاقي أنّ دهري # يعدّ محاسني لي من ذنوبي
أقول إذا امتلأت أسى لنفسي: # أيا نفس اصبري أبدا و طيبي
دعي خوض الظّلام بكلّ أرض # و إعمال النّجيبة و النّجيب
و جرّ ضوامر الأحشاء تجري # كما تهوي الدّلاء إلى القليب [4]
مترفة إلى الغايات، حتّى # ترنّح في الشّكيم من اللّغوب [5]
فليس الحظّ للبطل المحامي، # و لا الإقبال للرّجل المهيب
و نيل الرّزق يؤخذ من بعيد، # كنيل الرّزق يؤخذ من قريب
و غاية راكبي خطط المعالي # كغاية من أقام عن الرّكوب
أ ليس الدّهر يجمعنا جميعا # على مرعى من الحدثان موبي
كلانا تضرب الأيّام فيه # بجرح من نوائبها رغيب [6]
أرى برد العفاف أغضّ حسنا # على رجل من البرد القشيب
عليّ سداد نبلي يوم أرمي، # و ربّ النّبل أعلم بالمصيب [7]
[1] نبا: لم يطمئن-الموقّعة: الخفيفة الوطء و السهلة الركوب.
[2] النّور: الزهر.
[3] الشعوب: المنيّة.
[4] الدلاء: جمع دلو-القليب: البئر.
[5] مترفة: من ترفته النعمة: أطغته-الشكيم: الحديدة المعترضة في فم الفرس-اللغوب: الإعياء الشديد.
[6] الرغيب: الواسع.
[7] السداد: القوام.