لو أنّ بأسهم جارى الزّمان إذا، # لارتدّ عن شأوه مسترخي اللّبب [1]
إن أوردوا الماء لم تنهل جيادهم # حتّى تعلّ برقراق الدّم السّرب [2]
قادوا السّوابق محفاة مقوّدة، # كأنّها بحثت عن مضمر التّرب [3]
أعطافها بالقنا الخطّيّ مثقلة، # تكاد تعصف بالسّاحات و الرّحب [4]
ما انفكّ يطعن في أعقاب حافلة # بذابل من دم الأقران مختضب [5]
إذا امترى علق الأوداج عامله، # أعشى العوالي فلم تنظر إلى سلب [6]
و لا يزال يجلّي نقع قسطله، # بمحرج الغرب ملآن من الغضب [7]
إذا انتضاه ليوم الرّوع تحسبه # يسلّ من غمده خيطا من الذّهب
أو إن أشاح به سال الحمام له # في مضربيه فلم يرقأ و لم يصب [8]
جذلان يركع إن مال الضّراب به # مطرّبا في قباب البيض و اليلب [9]
يا أيّها النّدب إنّ السّعد متّضح # بطلقة الوجه جلّت سدفة الرّيب [10]
مولودة سقطت عن حجر والدة # جاءت بها ملء حجر المجد و الحسب
[1] الشأو: الغاية-اللّبب: ما يشد في صدر الدابة ليمنع تأرجح الرحل.
[2] النهل: أول الشرب-العلل: الشربة الثانية: يلاحظ اعتماده مراعاة النظير للدلالة على كثرة الدماء، و في البيت مبالغة تقرب من الصورة الملحمية.
[3] السوابق: الجياد السريعة-محفاة: مجهودة.
[4] الأعطاف: الجوانب-تعصف: تسرع.
[5] الحافلة: الناقة الكثيرة اللبن، و أراد بها الكتيبة الكثيرة العدد.
[6] امترى: استخرج-العلق: الدم-الأوداج: عروق العنق.
[7] محرج الغرب: حدّ السيف المضيّق عليه في غمده.
[8] أشاح: جدّ-يرقأ: يجف-يصوب: ينصب.
[9] البيض: السيوف-اليلب: الدروع من الجلد.
[10] الندب: النجيب-السدفة: اختلاط الضوء و الظلمة.