و ممّا ذكرنا يظهر الحال في مسألة دوران أمر المكلّف بين الوضوء لصلاته التي يصلّيها بصرف الماء فيه أو في تطهير ثوبه أو بدنه، فإنّ هذا لا يدخل في باب التزاحم بين التكليفين ليجري فيه حكم المتزاحمين، بل يدور أمر الصلاة المأمور بها بين أن تجب الصلاة مع الوضوء و لو مع نجاسة الثوب أو البدن و بين تطهير المتنجس منهما و الصلاة مع التيمّم حيث إنّ كلّا من الصلاتين بدل اضطراري للصلاة الاختياريّة، و مع احتمال التخيير واقعا أو احتمال التعين في ناحية كلّ منهما يتخيّر بين الأمرين كما تقدّم.
مرجّحات باب التزاحم
و يقع الكلام في ذيل باب التزاحم بين التكليفين في المرجّحات التي ذكروها في هذا الباب:
فمن المرجحات إحراز الأهمية و احتمالها في ناحية أحد التكليفين فيقدّم في الامتثال، بخلاف ما إذا احرز تساويهما أو احتمل الأهمية في ناحية كلّ منهما حيث إنه يتخيّر في الامتثال بينهما، و لو حصل الكسوف في آخر وقت الظهرين و لم يتمكّن المكلّف من الجمع بين فريضة الوقت و صلاة الآيات يقدّم صلاة الوقت لأهميّتها و لا أقلّ من احتمالها من غير عكس، و لا يكون الفرض من تعارض الخطابين و الدليلين على ما مرّ.
لا يقال: كيف لا تقع المعارضة بينهما مع أن مقتضى إطلاق خطاب فريضة الوقت الإتيان بها في فرض التمكّن منها، سواء تمكّن في ذلك الوقت من صلاة الآيات أم لا، كما أن مقتضى خطاب الأمر بصلاة الآيات بالكسوف لزوم الإتيان بها عنده، سواء تمكّن معها من فريضة الوقت أم لا، فيقع التكاذب بين الإطلاقين.