التحريم، حيث إن النهي مع الداعي الآخر إلى الفعل أو الترك مؤكد يكون موجبا للقرب فيما إذا كان كل منهما مستقلا في الدعوة بمعنى أنه لو لم يكن للمكلف داع آخر إلى الفعل أو الترك لكان الأمر أو النهي داعيا له إلى الاتيان أو الترك، و حيث إن الغرض في الأوامر الشرعية و النواهي الشرعية ليس مجرد الفعل أو الترك، بل الغرض منهما استناد الفعل إلى أمر الشارع به، و استناد الترك إلى نهيه، لصح للشارع الأمر و النهي حتى فيما كان للمكلف داع آخر إلى الفعل أو الترك، و لا يقاس ذلك بالموارد التي يكون الغرض من الأمر و النهي مجرد الإتيان بالمتعلق أو تركه خارجا، ليكون الأمر و النهي مع داع آخر لا يتخلف عادة عبثا.
لا يقال: لو كان الغرض في الأوامر الشرعية و نواهيه الاستناد في الفعل أو الترك إلى أمر الشارع و نهيه لكانت التكاليف كلها من التعبدي مع أن النواهي كلها و الأوامر جلّها توصليات.
فإنه يقال: إنما يكون المتعلق توصليا أو تعبديا لملاك فيه، فإن كان الملاك فيه غير موقوف على قصد التقرب فهو توصلي، و إن كان موقوفا على الاستناد و قصد التقرب فهو تعبدي، و بتعبير آخر في موارد العبادة يتعلق الأمر بالفعل مع قصد التقرب بخلاف التوصلي فإنه يتعلق بذات الفعل على ما أوضحنا في بحث التعبدي و التوصلي، و أما الغرض من التكليف في كل من التعبدي و التوصلي الاستناد، و ربما يشير إلى ذلك قوله سبحانه: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ،[1] نعم رعاية هذا الغرض في كل الأوامر و النواهي من مراتب تكميل النفس و التقرب إليه سبحانه.