الشبهات من مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة عبد اللّه بن سنان: «كلّ شيء يكون فيه حلال و حرام فهو لك حلال ابدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه» [1] فإنّ ظاهرها لزوم الاجتناب عن الحرام إذا تعيّن.
أقول: الرواية مختصّة بالشبهات الموضوعية بقرينة ما ورد فيها من أن الشارع جعل لشيء قسمين: قسم حلال و قسم حرام، و حكم بأنّ ارتكاب ذلك الشيء له حلال إلى أن يعلم أنّ ما يرتكبه قسمه الحرام، و كلمة (بعينه) تأكيد جيء بها للاهتمام بالعلم، كما قد يقال: رأيت زيدا بعينه، و يراد منه دفع توهم وقوع الرؤية بغيره ممن يتعلق به كخادمه أو ابنه، و التوهم المنفي في الرواية كفاية الظن بالحرام و احتماله.
و على الجملة: عرفان الحرام بعينه عبارة اخرى عن العلم بوجود الحرام فيما يرتكبه و لو كان ذلك الحرام غير متميّز عن غيره، و إن ادّعي أنّ كلمة «منه» في الصحيحة ظاهرها عرفان قسم الحرام معينا، و لكن ذكرنا أن معرفة قسم الحرام بعينه ليس معناه معرفته متميّزا عن غيره حين الارتكاب.
فتحصل مما ذكرنا أنّ فعلية التكليف و وصوله بالعلم الإجمالي لا ينافي الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية و العلم الإجمالي بالتكليف الواصل و كون الغرض منه إمكان الانبعاث علة تامة بالإضافة إلى عدم جواز الترخيص في مخالفته القطعية، و لكن بالإضافة إلى موافقته القطعية مقتض، بل الحال في العلم التفصيلي بالتكليف أيضا كذلك فيمكن للشارع الاكتفاء بموافقته الاحتمالية. و دعوى الفرق بينهما بأنّ قاعدة الفراغ و نحوها من حيث المفاد جعل البدل في مقام الامتثال، بخلاف الأصل النافي
[1] وسائل الشيعة 17: 87، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث الأول.