و يؤيده أنه لو لم يكن للإرشاد يوجب تخصيصه لا محالة ببعض الشبهات إجماعا، مع أنه آب عن التخصيص قطعا، كيف لا يكون قوله: (قف عند الشبهة فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) للارشاد؟ مع أن المهلكة ظاهرة في العقوبة، و لا عقوبة في الشبهة البدوية قبل إيجاب الوقوف و الاحتياط، فكيف يعلل إيجابه بأنه خير من الاقتحام في الهلكة؟
لا يقال: نعم، و لكنه يستكشف منه على نحو الإنّ إيجاب الاحتياط من قبل، ليصح به العقوبة على المخالفة.
فإنه يقال: إن مجرد إيجابه واقعا ما لم يعلم لا يصحح العقوبة، و لا يخرجها عن أنها بلا بيان و لا برهان، فلا محيص عن اختصاص مثله بما يتنجز فيه المشتبه لو كان كالشبهة قبل الفحص مطلقا، أو الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي، فتأمل جيدا.
و أما العقل: فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه و ترك ما احتمل حرمته، حيث علم إجمالا بوجود واجبات و محرمات كثيرة [1].
و الامساك إلى إحراز دخول الوقت بمقتضى الاستصحاب في بقاء النهار و عدم دخوله و إن كانت الشبهة حكمية، و لعل ذلك ظاهرها فعلى الإمام (عليه السلام) بيان أن دخول الليل باستتار القرص أو بذهاب الحمرة، فعدوله عن الجواب بالتعيين و التصريح به إلى التعبير بالأخذ بالاحتياط لرعاية التقية لا محالة، و على كلا التقديرين فلا دلالة لها على عدم اعتبار البراءة في الشبهة الموضوعية الوجوبية إذا لم يكن في البين أصل حاكم، أو في الشبهة الوجوبية بعد الفحص و عدم الظفر بالدليل على الوجوب كما يعترف بذلك الأخباري أيضا.
الاستدلال في لزوم الاحتياط في الشبهات بحكم العقل
[1] قوله: «فيما اشتبه وجوبه أو حرمته مما لم يكن حجة على حكمه» متعلق ب