و احتجّ للقول بوجوب الاحتياط فيما لم يقم فيه حجة بالأدلة الثلاثة [1].
أما الكتاب: فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم، و عن الإلقاء في التهلكة، و الآمرة بالتقوى.
و الجواب: إن القول بالإباحة شرعا و بالأمن من العقوبة عقلا، ليس قولا بغير
الاستدلال على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكميّة
[1] يستدل على لزوم التوقف و الاحتياط في الشبهة الحكمية التحريمية بل الوجوبية أيضا بالأدلة الثلاثة يعني الكتاب و الأخبار و حكم العقل، أما الكتاب فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم [1] و الناهية عن إلقاء النفس في التهلكة [2] و الآمرة بالتقوى [3]، و لكن لا يخفى أنه مع ثبوت الإباحة الظاهرية الطريقية في الشبهة الحكمية لا يحتمل العقاب في مخالفة الحرمة الواقعية على تقديرها التي لم يظفر بالبيان لها بعد الفحص، و لا يكون القول بتلك الإباحة قولا بغير علم، و لا يكون الارتكاب مع هذا الترخيص منافيا للتقوى اللازم على المكلف، و أما التقوى في الاجتناب عن المفاسد الواقعية و عدم فوت المصالح فيما إذا كان المكلف معذورا و غير مأخوذ بالتكليف الواقعي في مواردهما فهو غير واجب على المكلف حتى باعتراف الأخباريين بالالتزام بالبراءة في الشبهات الموضوعية بل الحكمية الوجوبية، و مما ذكر يظهر أنه لو كان المراد بالتهلكة في آية النهي عن إلقاء النفس فيها الهلاكة الدنيوية، فلا يقتضى لزوم الاجتناب عن الشبهات الحكمية التحريمية لما تقدم من أن المفاسد التي تلاحظ في المحرمات ملاكاتها لا تكون من قبيل الهلاكة الدنيوية.
[1] كقوله تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ سورة الاسراء: الآية 36.
[2] كقوله تعالى: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ سورة البقرة: الآية 195.