إن قلت: نعم، و لكن العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته، و أنه كالإقدام على ما علم مفسدته، كما استدل به شيخ الطائفة (قدّس سرّه)، على أن الأشياء على الحظر أو الوقف.
قلت: استقلاله بذلك ممنوع، و السند شهادة الوجدان و مراجعة ديدن العقلاء من أهل الملل و الأديان، حيث إنهم لا يحترزون مما لا تؤمن مفسدته، و لا يعاملون معه معاملة ما علم مفسدته، كيف؟ و قد أذن الشارع بالإقدام عليه، و لا يكاد يأذن بارتكاب القبيح، فتأمل.
و مما يورد على الوجه الثاني، أنه لا يجري الاستصحاب في عدم المنع السابق لكون الموضوع له الصبي و المجنون، حيث إنّ الشارع قد رفع القلم عن الصبي و المجنون و لو جرى عدم المنع بعد كون المكلف بالغا لكان من إسراء الحكم من موضوع إلى آخر.
و بتعبير آخر عنوان الصبي بالإضافة إلى عدم الحرمة الفعلية عنوان مقوّم أو لا أقل من احتمال كونه من العنوان المقوّم، و فيه أن معنى رفع القلم عن الصبي عدم جعل الإلزام لأفعاله التي تكون موردا للإلزام في البالغين، و أما أفعاله التي لا تكون موردا للإلزام في البالغين فلا موضوع للرفع بالإضافة إليها، و عليه فالصبي حال صباوته لم تكن في حقه حرمة شرب التتن، و يحتمل بقاء عدم الحرمة بحاله، و لا يعتبر في جريان الاستصحاب إلّا اتحاد القضية المتيقنة و القضية المشكوكة، بأن يحتمل بقاء القضية المتيقنة بعينها، نظير ما إذا علم عدم نجاسة مائع كر سواء كان ماء أو غيره من المضاف، فإذا لاقته النجاسة فإن كان ماء فعدم نجاسته باقية على حالها، و إذا لم يكن ماء فقد انفعل فلا بأس بالاستصحاب في عدم نجاسته إذا لم يكن في البين أصل حاكم عليه فتدبر جيدا.