ضرورة عدم القبح في تحمل بعض المضار ببعض الدواعي عقلا و جوازه شرعا، مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا يلازم احتمال المضرة، و إن كان ملازما لاحتمال المفسدة أو ترك المصلحة، لوضوح أن المصالح و المفاسد التي تكون في عدم التكليف أن يكون له أثر شرعي فإن عدم التكليف كوجوده بنفسه قابل للتعبد، و لا يعتبر في جريان الاستصحاب في شيء أن يكون ذلك الشيء بنفسه الأثر الشرعي أو أن يكون له أثر شرعي، بل المعتبر أن يكون قابلا للتعبد بنفسه أو بأثره، و نفي التكليف كثبوته بيد الشارع و يقبل التعبد، و بما أن عدم استحقاق العقاب أثر عقلي لمطلق نفي التكليف سواء كان النفي واقعيا أو تعبديا يترتب عليه لا محالة.
أقول: ظاهر كلام الشيخ (قدّس سرّه) أن استصحاب براءة الذمة عن التكليف و عدم المنع عن الفعل لا يفيد في المقام؛ لأنّ المطلوب في المقام الجزم بعدم استحقاق العقاب على الارتكاب و إذا لم يترتب هذا المطلوب على الاستصحاب فيما ذكر احتمل العقاب في الارتكاب، فيحتاج في نفيه إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، و معها لا حاجة إلى الاستصحاب، و ترتب نفي الاستحقاق على الاستصحاب فيما ذكر موقوف على اعتبار الاستصحاب من باب الظن النوعي المثبت للوازمه، حيث إنّه مع الاستصحاب في نفي التكليف يثبت الترخيص فيه و مع ثبوت الترخيص ينتفي احتمال العقاب، و أما بناء على اعتباره من باب الاخبار فلا يترتب عليه ثبوت الترخيص.
و الحاصل تأمل الشيخ في عدم جريان الاستصحاب لا لكونه في الأعدام الأزلية حتى فيما كان لها أثر شرعي، و الصحيح في الجواب عن كلام الشيخ (قدّس سرّه) بأن الاستصحاب في عدم التكليف كاف في نفي الاستحقاق في الارتكاب، فإن استحقاقه يترتب على ثبوت التكليف و يرتفع مع عدم ثبوته و لا يحتاج إلى إثبات