هذا مع منع كون الأحكام تابعة للمصالح و المفاسد في المأمور به و المنهي عنه، بل إنما هي تابعة لمصالح فيها، كما حققناه في بعض فوائدنا.
و بالجملة: ليست المفسدة و لا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال و أنيط بهما الأحكام بمضرة، و ليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من الأفعال على القول باستقلاله بذلك، هو كونه ذا ضرر وارد على فاعله أو نفع عائد إليه، و لعمري هذا أوضح من أن يخفى، فلا مجال لقاعدة رفع الضرر المظنون هاهنا أصلا، و لا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة أو ترك ما فيه احتمال المصلحة، فافهم.
الثاني: أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح و هو قبيح [1].
صحيح كما تقدّم بيان ذلك في التفرقة بين الحكم النفسي و الطريقي، نعم يمكن أن لا يكون تمام الغرض في نفس المتعلق بل يتم بجعل التكليف و تعلّقه بالمتعلق كما في الواجبات التعبّدية بناء على عدم إمكان أخذ القربة فيها في متعلق الأمر و احتملناه أيضا في مباحث القطع بالتكليف من إمكان كون الغرض أخص من متعلقه فتدبر.
و على الجملة الضرر الذي لا يدخل في العقاب الاخروي لا يظن في مورد الظن بالتكليف غايته يحتمل في بعض الموارد و لا دليل على لزوم دفعه عقلا إلّا في مورد الخوف من الضرر الذي يدخل في عنوان الجناية على النفس و العرض و الأطراف و الإجحاف بالمال، فإن الخوف على ما يستفاد من الروايات الواردة في أبواب مختلفة طريق إلى إحراز الضرر و لا مورد معه للاصول النافية.
[1] الوجه الثاني من الوجوه العقلية لاعتبار الظن بالتكليف أنه لو لم يؤخذ به لزم ترجيح المرجوح على الراجح و هو قبيح عقلا و تقريره أن لامتثال التكليف الثابت