أما الصغرى، فلأن الظن بوجوب شيء أو حرمته يلازم الظن بالعقوبة على مخالفته أو الظن بالمفسدة فيها، بناء على تبعية الأحكام للمصالح و المفاسد.
و أما الكبرى، فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون، و لو لم نقل بالتحسين و التقبيح، لوضوح عدم انحصار ملاك حكمه بهما، بل يكون التزامه بدفع الضرر المظنون بل المحتمل بما هو كذلك و لو لم يستقل بالتحسين و التقبيح، مثل الالتزام بفعل ما استقل بحسنه، إذا قيل باستقلاله، و لذا أطبق العقلاء عليه، مع خلافهم في استقلاله بالتحسين و التقبيح، فتدبر جيدا.
بالتكليف بنفسه لا يقتضي تنجز التكليف بل منجزيته تحتاج إلى الجعل و الاعتبار.
ثم ذكر (قدّس سرّه) إلّا أن يقال: بأنّ الظنّ بالتكليف و إن لم يكن بنفسه بحيث يستقل العقل بالعقاب على مخالفته، إلّا أنّ العقل لا يستقل أيضا بعدم العقاب على مخالفته، و عليه فالعقاب في المخالفة محتمل و دفع العقاب المحتمل كدفع الضرر المظنون لازم عقلا، هذا و لو كان المراد بالضرر في الصغرى المفسدة ففي موارد مخالفة المجتهد لما ظنّه من الحرمة و إن يكون ظن بالمفسدة إلّا أن المفسدة لا تكون من قبيل الضرر المتوجه إلى المكلف حيث إن الحزازة و المنقصة في الفعل و إن كانت موجودة بحيث يستحق الفاعل الذي عليه في موارد ارتكاب الحرام، إلّا أنها لا تكون من قبيل الضرر على الفاعل دائما، و أما في الواجبات فالفائت عن المكلف المصلحة و في تفويتها لا يكون ضرر بل ربما يكون الضرر في استيفائها كالإحسان بالمال.
و على الجملة: ليست المفسدة و لا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال و انيطت بهما الأحكام من قبيل المضرة على الفاعل، كما أن ضرره ليس مناطا في حكم العقل بالحسن و القبح على القول باستقلاله في الحكم بهما.
أقول: لو تمّ هذا الوجه كان مقتضاه أن الظنّ بالتكليف مقتض للتنجيز و أنه يكون