و فيه: أولا: إنه إنما مدحه بأنه أذن، و هو سريع القطع، لا الاخذ بقول الغير تعبدا.
و ثانيا: إنه إنما المراد بتصديقه للمؤمنين، هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم و لا تضر غيرهم، لا التصديق بترتيب جميع الآثار، كما هو المطلوب في باب حجية الخبر، و يظهر ذلك من تصديقه للنمام بأنه ما نمّه، و تصديقه للّه تعالى بأنه نمّه، كما هو المراد من التصديق في قوله (عليه السلام): (فصدقه و كذبهم)، حيث قال خبرهم، بل الإصغاء و السكوت. و قول ما يتخيّل المخبر تصديق خبره، و لكن لا يخفى أن الإيمان يتعدى بكل من الباء و اللام و يراد منه التصديق و الاعتقاد واقعا كقوله سبحانه: فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ[1] و قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا[2] و قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً[3] إلى غير ذلك، و قوله سبحانه فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ[4] و قد يفرق بين الباء و اللام بأن المراد في موارد التعدي باللام الإيمان و الاعتقاد بالشخص في قوله، و في موارد التعدي بالباء الاعتقاد بحصول نفس الشيء و حيث إن تصديق اللّه سبحانه في وعده و قوله من جهات الاعتقاد بنفسه فإن ذاته سبحانه عين كماله و الإيمان به لا ينفك عن التصديق بكلامه و خبره اختلفت التعدية في إضافة الإيمان إليه سبحانه عن إضافته إلى المؤمنين.
أقول: لا يمكن أن يكون المراد من الاذن في الآية سريع القطع و الاعتقاد، فإن كون إنسان سريع الاعتقاد و القطع نقص له و لا يكون موجبا للمدح بل يكون قادحا